في حديث ماتع مع الأخ الصديق الأستاذ الدكتور أمين رمضان , عن تفسير و تحليل الوضع الراهن السياسي على الساحة في مصر , تطرق بنا الحوار إلى منظومات القيم المختلفة و التي يتدرج الناس فيها بدءا من منظومة القيم الأساسية " البقاء " و مرورا بمنظومة القيم الاستبدادية للمنظمات العاملة بمجالات العمل العام عموما , و تطرقا إلى منظومة القيم المادية فالمذهبية الشخصية ثم لنصل إلى منظومة القيم الأكثر إفادة و إنتاجا و هي منظومة القيم " النُظُميّة " , , و كيفية تطبيق كل تلك المفاهيم القِيَميّة على مرشحي الرئاسة كمعيار يعتبر هو الأهم و الرئيس في معايير اختيار الرئيس.

و لابد من التطرق السريع في معاني تلك المنظومات القيمية , , التي تبدأ بمنظومة قيم أساسية " Reactive" و التي تمثل منظومة مجرد "البقاء" بطلب تلبية الاحتياجات الإنسانية من طعام و أمن و مسكن و لا شيء أكثر من هذا ,

ثم نجد منظومة القيم القبلية "Tribalistic " و التي يتعصب فيها الفرد لقبيلته و قائدها حتى لو كان مخطئا فالذي يهمه فيها هو انتماؤه لكيان به روابط عائلية دون أن يجد مساهمته الفكرية في تلك المنظومة و يفعل الإنسان فيها كل ما يستطيع لإنجاح مجموعته دون تفكير و لا يكون من حقه معرفة أي معلومات عن تفاصيل المجموعة أو الكيان الذي هو فيه.

و هناك منظومة القيم النظمية " Systemic" و التي فيها يكون النسق بين مجموعات عمل تعمل بتناغم لإنتاج هدف واحد أعلى , رغم اختلاف و تعدد تلك الأجهزة أو المجموعات البشرية , و يمثل ذلك جسم الإنسان حيث أن أجهزته متعددة و مختلفة و ليست متشابهة أو متطابقة لكنها تعمل في نسق واحد للوصول إلى هدف حركة الإنسان و نجاحه في الحياة, و فيها تنتشر حقوق معرفة المعلومة, و التكامل بين المختلفين التي تظهر في عبقرية من يقود المجموعات المختلفة دون أن يكون مائلا أكثر إلى أي فصيل من الفصائل أو تيار من التيارات المختلفة لكنه يعرف كيف ينسق بينها لتحقيق هدف الكيان الذي يجتمع فيه الفرقاء.

في الحقيقة توجد منظومات أخرى عرضها الأستاذ الدكتور امين رمضان , إلا أنني ركزت هنا على تلك المنظومات القيميّة الثلاث لكي نجتهد في تطبيقها على مرشحي الرئاسة المصرية ليساعدنا ذلك في اللحظات الأخيرة على حسن الإختيار.

نلاحظ أن دفعا ما قد حدث طيلة العام و نصف الماضي بعد الثورة لدفع الناس إلى منظومة القيم الأساسية "أقل منظومة قيم" و التي تجعل الناس ينكبون على مطلب الأمن و الطعام و فقط , و بالتالي يسهل لدى الناس اختيار بعض من رموز النظام السابق لتحقيق ذلك , ,

في حين ان هناك مرشحين كثيرون ينتمون لمفهوم منظومة "القيم القبلية" التي يتحرك فيها الفرد دون أن يدري معالمها إلا أنه يتعصب لمرشحه بكل استماته و قد تنسيه عن أمور أهم بكثير من نجاح مرشحه, إلا أنه يتشدد جدا للقبيلة ( أيا كان مسماها )

و يظل هناك من المرشحين , , من يستطيع أن يجمع المجموعات المختلفة المتعددة في نسق تكامل بينهم , يستطيع فيه هذا المرشح أن يعزف بهم "رغم اختلافهم" سيمفونية راقية لا نشاز فيها و لا إقصاء و لا تمييز لأنه يستطيع التواصل معهم بلغة كل مجموعة دون أن يتنازل القائد عن قناعاته و دون اصطدام مع أيهم , إلا أنه يستطيع أن يديرهم جميعا لصالح الهدف العام و هو تطور مصر و لا يرفضه أيا من تلك المجموعات.

فكروا في انتخاب من يصلح لإدارة كل أطياف الشعب المصري المتعددة و المتخالفة.