لم تمر الثورة التونسية , باختلاف أطيافها و طوائفها و تعدداتها الفكرية و الأيدلوجية بما تمر به الثورة المصرية من صعوبات و تحديات , و كان لزاما على كل مصري ان يدرس ما هي الفروقات التي أدت إلى مرور الثورة التونسية بكل أطوارها المتشابهة مع ثورة مصر و نموها دون الوقوع فيما وقعت فيه الثورة المصرية و خصوصا مع تشابه وجود الإسلام السياسي في تونس و مصر.
إن الإختلافات الأيدلوجية و العقدية أمر بدهي فهو من جملة السنن الكونية التي لابد و أن تكون في أي كيان أو دولة , و هو الموجود في كلا الدولتين مع اغلبية لمعتنقي الاسلام،، فهما دولتين إسلاميتين تتشابهان في التوجه الديني للشعبين الشقيقين , ,
إلا أن الباحث في الحراك المجتمعي و السياسي في الثورتين يجد اختلافا كبيرا في أداء الحركة الاسلامية في تونس عنها في مصر ,
إن الحركة الإسلامية التونسية لم تقدم نفسها على أنها البديل الإسلامي الوحيد محتكرة مفهوم الإسلام السياسي أبدا , بل على أنها فصيل يقدم مفهومه للإسلام و تطبيقاته السياسية , , و أنه لن ينجح إلا بتكامله مع تعددية أطياف المجتمع الأخرى.
كما نرى في الحركة الإسلامية السياسية في تونس أن خطابها قد ركز على الحريات العامة في الإسلام و التي تشمل حرية المرأة و حقها في إعتلاء أعلى المناصب الإدارية بالدولة و كذلك التركيز على مفهوم التعددية السياسية في الإسلام في وجود الأطياف المختلفة , و لم تغفل الحركة الاسلامية حقوق الأقليات في الدولة الإسلامية و حق وجودهم على الساحة السياسية مما أدى إلى تطمينات لجميع القوى الوطنية.
ومن أهم مقومات هذه الحركة في تونس أنها ركزت على نقد الذات و بالإنفتاح على المختلف و التصالح مع الآخر و إعلاء قيمة الحريات العامة .
أعتقد بأن تلك المحاور التي انتهجتها الحركة الاسلامية في تونس قد نأت بها عن أن تقع فيما وقعت فيه الحركة الإسلامية السياسية في مصر من إنغلاق على الذات و عدم انتباه لوجود شركاء الوطن من المختلفين, و وجوب التعدد معهم بانفتاح تام , , كما أن فكرة أهل الثقة ماتزال مسيطرة على تيارات الحركة الاسلامية السياسية في مصر مما أفقدها مرونة التعامل مع الآخرالمختلف و أدى إلى احتقان الآخر ضد الحركة الإسلامية عموما. و هو الذي تعاني منه مصر اليوم بكل ما تعنيه الكلمة ,
بما يحتم على الإسلام السياسي المصري أن ينتبه،، و أن يأخذ بمحاور النجاح في مصر بالشكل الذي يخرجنا من أزمة الثقة الطاحنة التي تعيشها مصر في أبنائها.
و أيضا يبقى على القوى الوطنية الليبرالية عموما أن تمد يدها لتيار الديني و أن تعتبرها طيفا متعددا لا يمكن إهماله, كما كان في العصر السابق. كما أيضا لابد من عدم استفزازه.
فهل سيستطيع أبناء مصر استلهام روح التواصل بين المختلفين،، لتجاوز الخلاف الأيدلوجي الطاحن على أرض مصر , , ؟
سؤال نترك إجابته للمصريين و القوى الوطنية المصرية و أيضا سوف تحسمه الأيام القادمة.
أشرف الكرم
مهندس استشاري معماري