لاحظت شيئا غريبا قد حدث لم اتعوده ...فقد جمع رجال لا اعرفهم ولا يعرفونني وقد شرعوا في جمع جمجمتي وعظام ذراعاي وساقاي وو ضعها علي جنب بجوار الحائط ولفت نظري غياب عظام قدمي اليسري ويبدو انها تهشمت لهشاشتها اثر مرض النقرس حبيبي(داء الملوك) فقد نلت بعضا من المجد المرضي ومعروف ان الملوك ياكلون كل انواع اللحوم....لكن بالنسبة لي يعيش علي ذكري الماضي فكل صباح افاجأ بسعر جديد للحوم
.....وناديت الرجال ولم يسمعونني لكنهم قالوا فيما بينهم ....لا يجوز ان يختلط جسدها بعظام هذا الرجل(فلم اعد رجلا كما تصوروا ولم تعد المرأة امراة كما توهموا)
.....
ثم دفنوها بجواري ورائحتها الذكية تعطر المكان وانا متأكد انه بعد ايام قليلة سأحاول التسلل بعظامي من الرائحة الفجة التي اطلقتها ذات يوم منذ زمن بعيد
....
حاولت ان اتذكر اين انا ومنذ متي جئت وكنت احلم ان ارقد بالبقيع ....حتي لو حدث ذلك سوف تحضر الجرافات كما تعودت كل بضع سنوات اذا ارتفع منسوب ارضية البقيع لتحمل التراب والعظام الي مكان ما في الصحراء
....
وصحوت من نومي وتحسست كتبي وقدمي اليسري للتأكد من حركة مفصلاتها
....
ومنذ عدة ايام تهلل وجه بائع الخضار عندما خرجت من صلاة الجمعة واعطاني ثلاث حزم جرجير بعشرة جنيهات مؤكدا لي بانه اكرمني في السعر رغم نحافة الجرجير !
...
وعاد مخي الساكن في رأسي القهقري الي بداية الستينات وكنت بالجامعة بالقاهرة وكان سعر الثلاث حزم جرجير من عم حسن بائع الخضار في شارع سعد زغلول بالجيزة وقد وضع لافتة مكتوب فيها الدكتور حسن اخصائي الجرجير كان سعرها قرش واحد
....يعني تضاعف السعر خلال ستين عاما الف مرة !!
.....العشرة جنيهات كان يرسلها ابي مصاريف شهرين (ايجار الحجرة في شقة الطلبة والاكل والشرب والكتب والمواصلات واحيانا السينما )
.....
ومنذ تلك السنوات التي مضت حتي ايامنا هذه اسمع الخطيب في صلاة الجمعة يدعو ....(اللهم ارفع البلاء والوباء والغلاء ) ونحن نرد في نفَس واحد أمين
...والي يومنا هذا لم تتم الاستجابة لأحد من الثلاثة المذكورين في الدعاء مع ان الذي يستجيب (هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم )
١٥٠ البقرة
وسألت نفسي اين الخلل والعيب ؟!
هل في الخطيب ام في المصلين ام في الناس خارج المسجد المرابطين بجوار بضاعتهم ام الكسالي وهم كثر من المسلمين !!
.....
لكن القراَن الكريم صحح لي معلوماتي المحدودة
....فان سبب البلاوي علي كوكب الارض هو عموم الناس من جميع الجنسيات والبلاد لانانيتهم وحب الذات وشهوة السيطرة علي الاَخرين والتعصب الديني كما يتعصب عباد البقر لابقارهم
....
وقد ذكر القراَن الكريم ان المولي سبحانه خاطب الناس جميعا بقوله(يا أيها الناس) علي ظهر الارض عشرين مرة منها ١٥ مرة منه سبحانه وتعالي .....واربع مرات بايعاز منه علي لسان نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ...ومرة واحدة علي لسان النبي سليمان عليه السلام
....
نادي المولي الناس كي يعبدوا الله وحده (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم) ٢١ البقرة
....هل استجاب الناس لهذا النداء الالهي ؟! لا اظن...الا من رحم ربي
....
وحتي يؤكد سبحانه انه علي علم بطبيعة حياة الناس مع اختلاف بلادهم وميولهم ونفسياتهم وتاَلفهم وتعارفهم ....فالمهم عنده سبحانه تقوي الله ..وتلك هي الميزة الكبري
(يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) ١٣ الحجرات
هل تعارف الناس وتسامحوا وهل اتقوا الله؟!
....ايضا لا اظن
....
بقي ان نعرف نداء نبينا محمد كما اوصاه الله بان يعرف الناس ان محمدا ليس رسولا لفئة محدودة ولا ارض محدودة كباقي جميع الانبياء لكنه رسول للبشرية كلها
(قل يا أيها الناس اني رسول الله اليكم جميعا )١٥٨ الاعراف
....
نفس قول النبي سليمان عليه السلام عندما انعم الله عليه وعلمه لغة الطير ....(وقال يا ايها الناس عُلٍمنا منطق الطير) ١٦ النمل
......
تأمل الواقع الذي نعيشه تجد المسلمين سنة وشيعة واكراد بينهم بغضاء بغيضة وحروب بائنة ومستترة والقراَن الكريم يقول (انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخَوَيكم واتقوا الله ) ١٠ الحجرات
......
وتأمل اوروبا وامريكا (نصاري كاثوليك وبروتستانت) يحاربون روسيا (نصاري ارثوذوكس) والكل يتفنن في اظهار الجديد من السلاح ويموت مئات الالوف وتنغلق ممرات القمح والزيت وليس مهما ماذا يأكل الناس !!
...
وتأمل فرنسا الكاثوليكية تنادي بالديموقراطية في النيجر والجابون لتستمر في نهب ثروات مسلمي البلدين منذ عقود
....
تأمل اخيرا بلدنا لغالية مصر وقد احلوت وعاد اليها بريقها الحضاري ولكننا تعجلنا بالديون ولن نتأني لبعض الوقت ....ونحاول بحول الله ان نخرج من خرم الابرة الذي ضاقت فتحته علينا !
...
اتمني ان يراعي الاغنياء والتجار الرحمة في الاسعار وتذكروا انكم سوف تسألون يوم القيامة (يوم الفضايح الكبري) امام الله ولن يفلت احدهم من عقاب الله
....
اتمني من الله وارجوه سبحانه ان يستجيب للدعاء الذي اصبح خارج الخدمة !
...
استجب ياربنا لو سمحت
فالناس اصبحت تكلم نفسها
(اللهم ارفع البلاء والوباء والغلاء)
1
-2
