arhery heros center logo v2

           من منصة تاميكوم 

آخر المواضيع

  • تواريخ سقوط النقاط الحصينة بخط بارليف في يد الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973 | 09-10-2024
  • وقائع حدثت لأول مرة بكأس العالم 1994لكرة القدم بأمريكا | 05-10-2024
  • طرق لاغراء الزواج ولفت انتباهه لك جنسيا | 01-10-2024
  • ما هو ال Mooc؟ | 14-09-2024
  •  الفروقات الجنسية بين الرجل والمرأة | 03-09-2024
  • فن اتقان المسافات | 02-09-2024
  • روابط هامة في الفيسبوك لحسابك الشخصي | 17-08-2024
  • الفرق بين سلاح الشيش وسلاح السيف و سلاح سيف المبارزة | 01-08-2024
  • أنواع النكاح في الجاهلية | 21-07-2024
  • المطبات الجوية و أنواعها | 11-07-2024
  • أنواع و وظيفة المراقبين الجويين للطائرات | 26-06-2024
  • كيف يتفادى الطيار المُقاتل الصواريخ جو/جو ؟؟!! | 24-06-2024
  • الحب يروي الحياة .. قصص حب | 17-06-2024
  • الفرق بين ليلة القدر ويوم عرفه؟ ! | 14-06-2024
  • معنى : "الآشيه معدن"  | 13-06-2024
  • الإعجاز في "فَالْتَقَمَهُ الحوت" .. و النظام الغذائي للحوت الأزرق | 21-05-2024
  • إعجاز (لنتوفينك) في القرآن .. هل هو صدفة ؟! | 19-05-2024
  • من قصيدة: شرايين تاجية | 15-05-2024
  • معجزة بصمة كل سورة في القرآن الكريم | 12-05-2024
  • كفكف دموعك وانسحب يا عنترة | 08-05-2024
  1. الرئيسية
  2. الموسوعة
  3. عن الأمومة وأشباحها

آخر موعد : 24 أكتوبر

إضغط هنا لمزيد من التفاصيل 😋

في رواية ج. م. كوتزي «إليزابيث كوستِلّو» يرفض جان ابن الكاتبة إليزابيث كوستِلّو أن يقرأ ما تكتبه أمه، وهو لن يقوم بذلك إلا عندما يصبح في الثالثة والثلاثين من عمره؛ "ذلك كان رد فعله تجاهها، انتقامه من بابها الموصود في وجهه. لقد أنكرته، لذا فقد أنكرها. أو ربما أنه رفض أن يقرأها من أجل أن يحمي نفسه". كيف أنكرت كوستِلّو طفليها ولماذا؟ 

 
يقدم لنا السرد شظايا متناثرة عن أداء كوستِلّو كأم؛ فعلى قدر ما يستطيع جان أن يتذكر "كانت أمه تعزل نفسها في الصباحات من أجل الكتابة. كان من المستحيل اقتحام عزلتها تحت أي ظرف من الظروف. لقد اعتاد أن يفكر في نفسه كطفل سيئ الحظ، وحيد، وغير محبوب".
 
نحن لا نرى أمومة كوستِلّو إلا من وجهة نظر ابنها، هي لن تتطرق إلى ذلك طول الرواية، إنها تتحدث فقط عن كتابتها وبعض المواضيع الكبرى مثل الواقعية وكافكا ومعاملة الحيوانات
يمكننا أن نتخيلها أمّاً شابة تعاني في تقسيم وقتها بين عملها وطفلين، أنها تشعر بالذنب أحياناً لأنها لا تقضي الوقت الكافي معهما. يمكننا أن نتخيل أماً متعكرة المزاج في ساعات الصباح وليس لديها طاقة للتعامل مع العالم فتوصد بابها في وجهه. ولكن تبدو كوستِلّو أكثر تعقيداً من ذلك، جان نفسه يتساءل عن حقيقتها التي لا يعرفها، بينما في عمق ذاته لا يريد أن يعرف. 
 
لو كان بمقدوره أن يتحدث لقال: "هذه المرأة التي تتعلقون بكلماتها كأنها عرافة، هي نفس المراة التي تختبئ يوماً بعد يوم في مأواها في هامستيد، تبكي على حالها، تزحف مساءً في الشوارع الضبابية لشراء السمك والبطاطا، الطعام الذي كانت تعيش عليه، تنام بملابسها. إنها نفس المرأة التي اهتاجت كعاصفة بعد ذلك في المنزل بملبورن، شعرها يطير في كل الاتجاهات، وهي تصرخ في طفليها: "أنتما تقتلاني! أنتما تمزقان اللحم عن جسدي!".
 
أدريان ريتش ليست شخصية روائية مثل إليزابيث كوستِلّو؛ لكنها كاتبة وأم أيضاً. كتبت ريتش في يومياتها في مايو 1965 "أن تعاني مع ومن أجل وضد طفل -أمومياً، ذاتياً، عصبياً، أحياناً مع شعور بالعجز، وأحياناً مع وهم تعلم الحكمة- ولكن دائماً، في كل مكان، في الجسد والروح، أنت مع هذا الطفل -لأن ذلك الطفل هو جزء من نفسك".
 
يمكننا أن نتخيل أن ريتش مثل كوستِلّو في إحدى لحظاتها بشكل أو بآخر. فرغم أن طفلها هو جزء منها إلا أن هناك لحظة تعجز فيها عن الخروج من كونها امرأة لديها مشروعها الخاص الذي يسبق كونها أماً بخطوة، أنّ هويتها تكونت من خلال الكتابة، مثلما تتكون هوية أفراد آخرين من خلال ما يريدون أن يساهموا به في هذا العالم.
 
أن تكوني كاتبة وأماً، هو أمر لا ينطوي في حد ذاته على أي تعارض ظاهر، ولكن ريتش تتحدث في أماكن متفرقة من كتابها عن إحباطها لأنها لا تستطيع أن تجد وقتاً لنفسها، عن نوبات الغضب والبكاء، عن طفلها الذي يرفض أن تكون آخَر بالنسبة إليه فهو يترك ما في يده ويقفز على الآلة الكاتبة بمجرد جلوسها للعمل. أظن أنها تمنت أحياناً من طفلها الذي هو جزء منها أن ينفصل عنها بعض الوقت، أن يصدق أنّ من حقها أن تذهب وحيدة لمقابلة نفسها. 
 
تواجه ريتش مثل كوستِلّو ذلك التجاور بين هويتها ككاتبة وهويتها كأم: "من وقت لآخر يسألني أحدهم: ألم تكتبي قط قصائد عن أطفالك؟ لقد كتب الشعراء من جيلي قصائد عن أطفالهم - عن بناتهم خصوصاً. بالنسبة إلي، الشعر يوجد حيث لا أكون أماً لأحد، حيث أوجد كنفسي". 
 
إنه ليس مجرد تجاور بين مكونين داخل هوية الأم الكاتبة والكاتبة الأم، إنه تمزق، صراع على الوقت والطاقة، عندما تنجح الكاتبة في أن تكون أماً ليوم ستشعر بالفشل تجاه ما لم تنجزه من قراءة أو كتابة، عندما يكون لديها يوم لنفسها ستتألم من أنانيتها. عندما تستطيع في يوم ثالث أن تكتب بينما يجلس طفلها على ركبتيها، وأن تلعب معه لعبة الاستغماية بينما تفكر في تغيير كلمة في قصيدة، لا توجد ضمانة أنها لن تشعر بالذنب أو الفشل في فعل ذلك. أيضاً، لا توجد ضمانة أنّ طفلها سيقرأ ما كتبته يوماً أو أنه لن يكون غاضباً مثل جان ابن إليزابيث كوستِلّو.
 
وأنتِ تلدين تذكري أنكِ لستِ بيضة، سوير نفسها تعرف ذلك، قد تشعرين لأيام أو ساعات، أنكِ تحت رحمة «رحم» محاط بأعضاء أخرى، ولكنه محاط أيضاً بوجود وبتاريخ سابق للحمل. صحيح أن الولادة هي تلك اللحظة التي ستشقك إلى نصفين. ولكن، أليس بحياة كل منا كسر ما، شرخ، كما يقول سكوت فيتزجيرالد؟ أليس هذا الشرخ هو هويتنا التي نتحرك بها في العالم؟
 
الولادة هي عتبة في رحلة، إنها المجاز الذي يقوم به الجسد لكي يعي ذاته. أدريان ريتش تقصدتها من أجل ذلك: "كنت أحاول أن ألد نفسي، وبشكل ما كنت مصممة أن أقوم بذلك عبر الحمل والأمومة".
 
كأن الشاعرتين أنّا سوير وأدريان ريتش، كل بطريقتها، تريد أن تقول: "أنا لدي وعي بتصدعي الذي أعيش معه من قبل الولادة، أنا هشة، وإعطاء هذه الدمية الحياة وانفصالها عني شرخ جديد في وعيي. أنا لم ألد هذه الدمية للتو وحسب، بل عليّ من أجلها أن ألد نفسي أيضاً، ولادة شخصية، تجذّر شروخ ذاتي السابقة أو تساعدها على الالتئام".
 
 
 
مقتطف من كتاب «كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها»

لا تعليقات