arhery heros center logo v2

           من منصة تاميكوم 

آخر المواضيع

  • أنواع النكاح في الجاهلية | 21-07-2024
  • المطبات الجوية و أنواعها | 11-07-2024
  • أنواع و وظيفة المراقبين الجويين للطائرات | 26-06-2024
  • كيف يتفادى الطيار المُقاتل الصواريخ جو/جو ؟؟!! | 24-06-2024
  • الحب يروي الحياة .. قصص حب | 17-06-2024
  • الفرق بين ليلة القدر ويوم عرفه؟ ! | 14-06-2024
  • معنى : "الآشيه معدن"  | 13-06-2024
  • الإعجاز في "فَالْتَقَمَهُ الحوت" .. و النظام الغذائي للحوت الأزرق | 21-05-2024
  • إعجاز (لنتوفينك) في القرآن .. هل هو صدفة ؟! | 19-05-2024
  • من قصيدة: شرايين تاجية | 15-05-2024
  • معجزة بصمة كل سورة في القرآن الكريم | 12-05-2024
  • كفكف دموعك وانسحب يا عنترة | 08-05-2024
  • الفارق بين الطيار المدني و الطيار الحربي | 02-05-2024
  • لماذا لا تسقط الطائرة أثناء الإقلاع ؟ | 21-04-2024
  • الجذور التاريخية لبعض الأطعمة المصرية....لقمة القاضي إنموذجاً | 25-03-2024
  • قصة مثل ... الكلاب تعوي والقافلة تسير | 25-03-2024
  • من هم الأساطير و من هو الأسطورة ؟ | 23-03-2024
  • قوانين العقل الباطن | 21-03-2024
  • نبذة عن مكابح الطائرة بوينج 787 | 20-03-2024
  • كيف تمنع ظهور محتوى اباحي و جنسي حساس 18+ على الفيسبوك بسهولة | 08-03-2024
  1. الرئيسية
  2. بريد الجمعة
  3. بريد الجمعة يكتبه: أحمد_البرى .. القائمة الممنوعة!

 

أنا سيدة فى السابعة والثلاثين من عمري، نشأت فى أسرة بسيطة تجمعها المودة والألفة بأفراد العائلة الكبيرة، وتفوقت فى دراستي، وتخرجت فى الجامعة، ولم تشغلنى العلاقات العاطفية التى تتولد بين الشباب والبنات فى سن المراهقة، فلقد كنت على قناعة منذ صغرى بأن البنت يجب أن تدخر مشاعرها لشريك حياتها فى المستقبل، ولا تبددها فى غراميات محكوم عليها بالفشل، وقد تؤدى بها الى ما لا تحمد عقباه، ومر عامان بعد تخرجى دون عمل، سعيت خلالهما الى الحصول على وظيفة مستقرة، وشاركت فى أكثر من مسابقة، ونجحت فى إحداها واستقرت بى الحال فى جهة حكومية شهيرة، وواصلت منهجى فى الحياة الاجتماعية بعدم اقامة أى علاقة عاطفية مع أى شاب أو زميل، وبعدها بشهور طرق بابى شاب من أسرة ميسورة وله أعمال خاصة ورثها عن أبيه، ويباشرها بنفسه، وتقتضى سفره الى الخارج من حين الى آخر، وقال لأبى إننى جذبته بمظهرى الهادئ، والتزامى الواضح، وعرف عنى بعض المعلومات من خلال معارفه بالمصلحة التى أعمل بها، وأنه سيكون سعيدا لو أننى وافقت على الارتباط به وتكوين أسرة مستقرة، فأمهله أبى عدة أيام، وجمع أعمامى فى جلسة عائلية، وعرض عليهم طلب هذا الشاب، فلم ينكروا عليه دينا ولا خلقا، وأحسست من كلامهم عنه أنه الشخص الذى يناسبني، إذ أننى ملتزمة دينيا، وأؤدى الصلاة فى أوقاتها، وأصوم تطوعا أياما كثيرة، وارتدى الملابس المحتشمة التى تغطى الجسم كله، وأقوم بواجبات المنزل، واتطلع الى زيجة مستقرة، وعندما سألنى أبى عن موقفى بعد ما سمعته، أجبت عليه بأننى موافقة وتمت خطبتنا، ولم يطل الوقت حتى زففت إليه فى حفل بهيج حضره الأقارب والأصدقاء.

 

وبدأت حياتى الجديدة هادئة، وشيئا فشيئا تسربت اليها المنغصات والمتاعب، فالحقيقة أننى وجدت زوجى ملتزما دينيا فى الصيام والصلاة وأيضا الكلام، لكنه كثير الاهمال لي، ولا يتذكرنى فى المناسبات ولو بهدية بسيطة، ومستبد برأيه فما يراه هو الصواب، فلا أحد يفعل ما يفعله، أو يفكر بطريقته، وعلاوة على ذلك كثير السهر مع أصدقائه الذين يصرف عليهم بسخاء، بينما يقتر علىّ تقتيرا، وقد حدثته مرارا بأن باستطاعته أن يدخر ما يصرفه بلا فائدة، حتى نشترى شقة ملكا لنا، بدلا من الشقة الإيجار الجديد التى نسكن فيها، ولا داعى لهذا التبذير خصوصا أن سخاءه على أصدقائه لا يعود علينا بشيء، لكنه لا يهتم بكلامي، وأحيانا يحملنى المسئولية بأننى السبب، فالمرأة هى التى تصنع الرجل، وتسعى الى تحقيق كل ما تريده بحسن تدبيرها الأمور، ولكن كيف ذلك وأنا لا أمسك ميزانية البيت، ولا أصرف على المنزل، فهو الذى يجلب كل شيء، وممنوع علىّ أشياء كثيرة، فإذا طرق أحد الباب ممنوع أن أفتح له أو حتى أرد عليه!، واذا أراد أهلى زيارتى عليهم أولا الاتصال بى ثم آخذ منه إذنا بالزيارة اذا كان موجودا بالمنزل، أو اتصل به اذا كان خارج البيت، أما زيارات الأقارب والصديقات فهى ممنوعة منعا باتا لأى سبب، ومهما تكن درجة قرابتهم بنا، حتى صرت وحيدة بين الجدران الأربعة، ولا أعرف جيرانى فى الشقة المجاورة لي، ولا أغادر البيت إلا الى زيارة أهلى أو أهله، ولذلك طقوس خاصة، فإذا أردت زيارة أهله من باب الود وصلة الرحم، يأخذنى ويوصلنى إليهم، ويسلم على أمه، ويخرج مسرعا الى أصدقائه، فيسهر معهم، ثم يعود ليأخذنى من أمام الباب!، واذا أردت زيارة أهلي، يأخذنى إليهم ويتركنى عند البيت، ولا يسلم عليهم، وبعد قليل يتصل بي، ويسألنى عمن وجدتهم فى زيارتى أسرتي، وهل رآنى أحد؟! فإذا كان قريب لنا يزورهم بالمصادفة، يطلب منى أن أدخل أى غرفة بالمنزل وأغلق الباب على نفسي، وأبلغه بما حدث لكى يرسل إلىّ سيارة تأخذنى على الفور!، وتحملت هذا العذاب عشر سنوات، وأنا أكتم أحزانى داخلي، وقد أنجبت ثلاثة أولاد الأكبر سنه سبع سنوات، والأوسط خمس سنوات، والأصغر ثلاث سنوات، وتفاقمت حالة الشك لديه، إذ كثيرا ما يسأل ابنى الأكبر عمن كانوا فى زيارة جده، ويحاول أن يعرف أى معلومة ربما أكون قد أخفيتها عنه، مع اننى لا أكذب، ولا يوجد أى داع للكذب عليه!، وامتدت قائمة الممنوعات الى عدم السماح لى بالمشاركة فى المناسبات الاجتماعية، مثل سبوع مولود جديد وحتى فى عيدى الفطر والأضحي، يحظر علىّ زيارة أعمامي، ويقول: من يريد منهم أن يراك يأتى الى بيت أهلك وبلغيه سلامى إليه!

 

.. شيء عجيب حقا، ما يفعله معي، ولكن ما باليد حيلة، وقد تسألني: كيف يكون هذا الحصار وأنا موظفة فأقول لك: لقد أجبرنى على الحصول على إجازة دون راتب منذ زواجنا، وقد حاولت منذ خمس سنوات قطع الإجازة التى أجددها كل عام، فاختلق لى مشكلات عديدة، منها أن آخذ الأولاد معى الى مقر عملي، وهو أمر مستحيل بالطبع، وزادت عصبيته بشكل حاد، فيثور لأتفه الأسباب، وقد وصلت به الحال الى ضربى مرات عديدة، وصرت أتحاشاه خصوصا أمام الأولاد، فلقد فعلها ذات مرة أمامهم عندما ضربنى على رأسى بقطعة أثاث حيث سقطت على الأرض، ولما أفقت أخفيت الأمر عن أهلي، وكان أبى وقتها قد رحل عن الحياة، وعندما تكرر اعتداؤه علىّ أبلغت عمى الأكبر، فاتصل به وسأله عما فعله بي، فاتهمنى زوجى بأننى لست زوجة بكفاءة الزوجات الأخريات، واننى لا أجيد أعمال المنزل، ولا طهو الطعام، وبلغ الكلام أسرته وأسرتي، وهو ادعاء غير صحيح بالمرة، لكنه يضغط علىّ بشدة، لدرجة أننى أصبحت أخشاه حتى وهو خارج مصر!

 

ولم تتوقف ممارساته اللاانسانية معى عند هذا الحد، وإنما امتدت الى منعنا من مشاهدة التليفزيون إلا برامج وقنوات محددة ومنها قنوات الأطفال، والويل لى اذا شاهدت فيلما أو مسلسلا عربيا، وصار يسألنى من حين الى آخر أسئلة غريبة كشفت الجانب الخطير فى شخصيته والذى لم أكن قد تبينته بعد، إذ سألنى ذات مرة: هل عندك هاتف محمول سرى لا أعرفه، فاستغربت لسؤاله، وقلت له باندهاش: «هاتف إيه»، فرد، بأن صديقا له طلق زوجته لأنه رآها تتكلم مع قريبة لها بهاتف لا تملكه، وعندما استفسر منها عن صاحب الهاتف ومن أعطاه لها، قالت له: انه من عند زوجة أخيه!.. ومنذ ذلك الوقت يسألنى عن الأشياء والمواقف التى يرويها له أصدقاؤه، وبدأ سلسلة جديدة من الأزمات التى أحالت حياتنا الزوجية الى جحيم، وكثيرا ما يسألنى «أنا حاسس أن فيه مكالمات لا تريديننى أن أسمعها، ممكن أعرفها؟.. وأرد عليه بأننى لا أخفى عنه سرا، ولست مثل الأخريات اللاتى يقارننى بهن، ولى شخصيتى المستقلة، وأن أحاديثه مع أصدقائه فى الأمور الشخصية هى التى تجلب لنا المشكلات، وليس بيننا ما يحكون عنه فى حياتهم!، فثار ضدى من جديد، وهددنى بأن علىّ أن أراجع نفسي، وأن أنفذ ما يقوله، وإلا فإنه سوف يطلقنى ويأخذ منى الأولاد الى مكان لا أعلمه، وأخذنى فى زيارة أهلى لمدة يومين سوف يسافر خلالهما الى الخارج، وعندما يأتى سوف يقرر ماذا سيفعل معي، فأخذت أضرب كفا بكف ماذا فعلت له لكى يهدم حياتنا وأنا التى تنفذ له كل كبيرة وصغيرة من طلباته التى لا تنتهي، وأتحاشى أن أفعل شيئا يغضبه؟ وأخذت بعض المهدئات لكى أتخفف من التوتر الذى ألم بي، ومر أسبوع كامل لم يتصل فيه بنا، ولا نعرف عنه شيئا، وهاتفه مغلق، وزادت شكوكى فيه فذهبت الى شقتنا، وفتحت الباب فإذا بى أجد امرأة بداخله بملابس البيت، فصرخت فيها: من أنت؟.. قالت بهدوء، أنا الزوجة الثانية لزوجك، ولا داعى للشوشرة، فلقد تزوجنى زواجا شرعيا، وأنا مطلقة ولدى أربعة أولاد يعيشون مع أبيهم، وعرفت زوجك عن طريق أخي، الذى رشحنى له، وقابلته فى بيتنا وعقدنا القران وأنه فى سبيله للحصول على شقة خاصة بنا، فلا تقلقى فسيكون زوجا لنا نحن الاثنتين، فتعالت صرخاتي، واتصلت هى بزوجي، وروت له ما حدث، فجاء وقال بمنتهى البجاحة، إنها زوجتي.. فإذا لم يعجبك هذا الوضع سيكون لى كلام آخر، فجمعت متعلقاتى الشخصية وأخذتها الى بيت أسرتي، وأنا أقول بصوت مسموع طوال الطريق «حسبى الله ونعم الوكيل»، وانزعج أهلى لما حدث، وقالوا لى «القرار لك إما أن تطلبى الطلاق مع ما فى ذلك من طول الإجراءات فى المحاكم، أو أن تخلعيه وتتنازلى عن مستحقاتك، أو ترضى بالأمر الواقع.. فقلت لهم هيهات أن أرضى بالذل والهوان بعد اليوم».. ومرت ثلاثة أسابيع كالدهر وأنا عاجزة عن اتخاذ القرار السليم، وفجأة اتصل بى وقال إنه يريد أن يتكلم معي، فقلت له: كلام إيه بعد اللى جري، فرد علىّ بأنه طلقها، ولم يكن زواجه بها زواجا رسميا وإنما كان زواجا عرفيا، ولم يجدها كما صورها له صديقه، وأنه أخطأ المقارنة عندما تخيل أنها ستجلب له السعادة التى يرويها له أصدقاؤه، وتبين له أنها تزوجته لكى تستنزفه ماديا، علاوة على إفشائها أسراره، والكثير مما عرفته عن حياته خلال الأيام الأولى لزواجه منها، وأنه نادم على ما حدث، ويريدنى أن أعود إليه، مع وعده بإصلاح ما فسد من علاقتنا، فلقد تغير كثيرا بعد التجربة الفاشلة التى تورط فيها ـ على حد تعبيره ـ عن طريق صديقه، فرددت عليه بأننى وإن كنت على ذمته، فإن الأمر ليس بهذه السهولة، فهناك أعمامى وأهلى لابد من مشورتهم، ووقتها سيكون لكل حادث حديث.

 

إننى فى حيرة بالغة من أمري، وقد فكرت فى أن أعود الى عملي، وأصرف على أولادى من راتبى ولا انتظر أى مساعدة من أبيهم، وأن استأجر شقة تسعنا بعيدا عن بيت أهلي، ولكن من يضمن لى ألا يأخذ منى أبنائى رغما عني، ويخفيهم كما هددنى من قبل، فالخلع هو الطريق الوحيد للخلاص السريع منه لكن تبعاته علىّ ستكون ثقيلة، ولن أستطيع التصدى لحيله وألاعيبه، واذا وافقته وعدت إليه، سوف يكرر أخطاءه معي، وربما يزداد توحشا، وليس كما يقول انه عرف الفارق بينى وبين الأخريات ممثلات فيمن تزوجها عرفيا من أجل نزوة، وبإلحاح من أصدقائه، وكم مرة قلت له لا تقارنى بغيري، فالمقارنة ظالمة فى أغلب الأحوال، ومن يقول كلاما ليس كمن عاش واقعا فى الحياة.. إننى انتظر كلمتك الفاصلة فى مشكلتي، وأنا اتطلع الى الراحة والاستقرار.

 

 ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

 

تعددت أخطاء زوجك فى حقك بدءا من قائمة الممنوعات التى فرضها عليك بعدم الخروج من باب البيت إلا بصحبته، والى أماكن محددة، وفرضه رقابة عليك فى كل اتصالاتك وتحركاتك، ومنعك من مشاهدة التليفزيون إلا برامج بعينها، ثم مقارنتك بأخريات من زوجات أصدقائه اللاتى لا يعرف عنهن شيئا وانما استمع عن بعض حكاياتهن من أصدقائه، ثم الضغط عليك واخراجك من البيت بحجة أنه مسافر لكى يتزوج عرفيا من واحدة دفعها فى طريقه صديق له بغرض استنزافه ماديا، وتخريب بيته بتطليقك فيخلو لها الجو، وتنفرد به وتمارس سيطرتها الكاملة عليه، لكنه أيقن المخطط المرسوم لإيقاعه والتغرير به، فطلقها وأحس بالندم على حد قوله، لكنى أراه على عكس ما يقوله تماما، فهو لن يتغير بسهولة، ولن تكون عودتك إليه نهاية المطاف، صحيح أنك مازلت على ذمته، ولكنك بعيدة عنه فى بيت أهلك، وأولادك معك، ولن يلجأ الى طلبك فى الطاعة لانه يدرك جيدا أنه المخطئ، والأمر على هذا النحو يقتضى التريث فى اتخاذ قرار «الخلع» أو «الصلح»، بمعنى أن الصلح يجب أن يكون على أسس واضحة، بحيث لا يعود الى سيرته الأولى من الإملاءات التى لا يقبلها أحد، ويعلم أنك تحملتيه بمساوئه عشر سنوات، فى حين لم تصمد زوجته الثانية التى تزوجها لغرض جسدى كما هو واضح عدة أسابيع، وعليك أن تستعينى بعمك فى الصلح وأيضا أهلك، ويكون من بين الشروط أن يتيح لك التصرف بحرية مادمت لا ترتكبين إثما ، ولا جريرة، .. أما الخلع فيكون هو الحل الذى لا بديل عنه اذا رفض الصلح المشروط، واستمر فى عنجهيته التى أظنه لن يتخلى عنها، فمثل هذه الشخصية يركب العناد صاحبها، ويصور له خياله المريض أنه يجب أن يظل على موقفه حتى لا تهتز صورته فى عيون الآخرين.. وهناك كثيرون أمثاله ممن لا يحسنون التفكير فى الأمور الزوجية والأسرية، ويستمدون أفكارهم من ذوى الذمم الخربة.

 

إن المقارنة بين الأزواج والزوجات تتسبب فى مشكلات أسرية لاحصر لها، وهى أزمة اجتماعية موجودة فى بيوت كثيرة، ومرفوضة بكل المقاييس، لأنها تلقى باسقاطات سلبية على الشخص المقارن به، ومن الضرورى أن تكون لكل أسرة مبادئ وثقافة وأفكار خاصة بها، وأى مقارنة تولد حالة من الغيرة والعدائية، وتؤجج الخلاف، وتفتح باب «الوسواس» بين الزوجين، وتكون مدخلا لهدم أركان الأسرة، ولذلك يجب أن يتقبل كل من الزوجين الآخر بأخطائه، فكلاهما له مميزات، فإذا أضيفت معا، صارت العلاقة تكاملية، مع حتمية التنازل عن الهفوات حتى يعيشا السعادة المنشودة، وتعم بيتهما المحبة والتفاهم والاحترام.

 

وأرجو ألا تكونى قد لجأت الى مقارنته ـ على غرار ما فعل ـ بأقاربك، فهو حين قارنك بأخريات زرع فى قلبك كرههن حتى إن كنت لا تعرفينهن، وربما دفعك ذلك الى مقارنته بأزواج أخواتك مثلا، أو أحد من أهلك، ولذلك صارت زياراتك إليهم أو زياراتهم إليك أمرا غير محبب بالنسبة له، ولذلك يختلق المبررات لترشيدها، ولئن قيل «أنت تشتم المرأة اذا مدحت أخرى أمامها، فى شيء تعتبره نقيصة فيها، فإن الأمر لا يختلف بالنسبة للرجل، ولذلك ينبغى أن يبتعد الطرفان عن الخوض فى هذه المسائل التى تجلب لهما المتاعب، والحقيقة أن الأصدقاء من أمثال أصدقاء زوجك، هم الذين يتسببون فى الأزمات الزوجية، وما يسمعه بعضنا من إثناء أحد الزوجين على الآخر، ليس بالضرورة صحيحا، وبفرض صحته فإنه جزء من الحقيقة وليس كلها، أو قل هو الوجه المشرق لهذه العلاقة التى لا تخلو بطبيعتها من منغصات، فليس ما يذكره هو كل الحياة بينهما، فلا يزهدنكم هذا الثناء فى أزواجكن، ثم هل تصدقين، ان هناك من يبادلكما المقارنة نفسها، فيقارن الجميل من حياتكما بالنقص فى حياتهم؟!

 

إن المقارنة تفسد الاستمتاع بالموجود، وتورث الغيرة، وتدعو الى التنافر وليس التنافس، والذكاء فى التصرف هو تشجيع الطرف الآخر، لا هدمه والتقليل من شأنه، وعلى الزوجين أن يحتويا بعضهما بالمعروف وحسن المعاملة، وامتصاص لحظات الغضب، وتقريب المسافات، وليدركا أن الكمال لله وحده.

 

والحياة الزوجية التى تقوم على املاءات الرجل، وفرماناته، مصيرها الفشل، ولا بديل عن الحوار الدائم بينهما، فهو الذى يحقق المودة والتفاهم، ولا سبيل الى نجاح هذا الحوار إلا بتجنب الأساليب الخاطئة التى يلجأ إليها بعض الأزواج، وهى ترجع فى الغالب الى اختلافات نفسية وفكرية فى شخصية كل منهما، ومن هذه الأساليب افتراض الزوج أن زوجته يجب أن تتصرف كما يتصرف هو من حيث طريقة التفكير والكلام، وهذا خطأ كبير، وأيضا الاستهانة دائما بشكوى الزوجة واعتبارها من أساليب النكد، وتعامله معها على الدوام بلغة العقل، وتجاهل لغة العاطفة، والاستخفاف بآرائها، وعدم اعطائها الفرصة لعرض وجهة نظرها.. وهناك من الأزواج من يتبع أسلوب العناد والاستفزاز فيزيد الفجوة مع شريك حياته.

 

ولكى يكون حوار الزوجين ناجحا، من الضرورى اختيار الوقت المناسب له، ومراعاة الحالة النفسية للطرف الآخر، وأن يفسح كل منهما للثانى المجال للتعبير عن أفكاره،. والاستماع له بشكل جيد وتركيز شديد، وعدم التقليل من شأنه أو النطق بكلام جارح له، ويمكن أن يتوقف الحوار عند نقطة ما ثم مراجعة كل واحد وجهة نظره، كما أن الهدوء وخفض الصوت كفيلان بإنجاح الحوار، وعدم وصوله الى مرحلة الشجار.

 

هذا هو الطريق الى تدارك الأخطاء التى وقعتما فيها أنت وزوجك، وأحسب أنه تعلم الكثير من «الزيجة العرفية» التى أراد بها ارضاء نزوته، فلقد استقى منها الدرس الكبير بأنه لن يعوضك أبدا، ولن يجد أفضل منك زوجة له، فأنت أم أولاده، وتحملت الكثير من أجله وأجل أبنائه، لكن وضع الأمور فى نصابها الصحيح هو الذى سيحسم أمر رجوعك إليه من عدمه، فلتعطه فرصة أخيرة باتفاق واضح مع أهلك، وأرجوه أن يتأمل العلاقة الزوجية الصحيحة فى قوله تعالى «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة، إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون»، ويفسر ابن كثير هذه الآية بقوله «وجعل بينكم مودة»، وهى المحبة، ورحمة وهى الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة، إما لمحبته لها، أو رحمة بها، أو للألفة بينهما»، وذلك بلا شك معنى أشمل وأرقى وأسمى بكثير من حب الصور الخيالية التى تصورها لنا الأفلام والروايات، فليبتعد زوجك عن أقران السوء، ولا يبح بأسرار بيته الى الآخرين، وليكن «الحوار الإلحاحي» بتأكيد حب كل منكما الآخر، وتمسكه به، هو الجسر الذى تعبران عليه الى شاطىء الأمان بإذن الله.

لا تعليقات