قالت لي :

لماذا لا نعيد عصر الجواري والحريم ..؟!

توقفت فجأة وسط الطريق ونظرت إليها أستوثق مما سمعت ..

ابتسمت وهي تدفعني بيدها في حرج من نظرات المارة لنا لاستكمل السير كأن شيئاً لم يكن ..،

- جننت بالتأكيد .. ! هل تعي معنى ما قلتي ؟
- اسمعي فكرتي كاملة أولاً ..، ثم اتحفيني بحكمك عليها وعلى قواي العقلية ..

ارتفع حاجباي وزادت نبضات قلبي إنفعالاً وصرت أمهد لنفسي الإستماع إلى هذه الفكرة العبثية وأعد الردود اللاذعة التي يجب أن تنهال عليها فور انتهائها من سرد فكرتها البلهاء ..

على مقعد بالقرب من حديقة الحيوان جلسنا ننتظر الحافلة .. نظرت اليها لتستكمل حديثها لكنها انشغلت بالبحث في حقيبتها عن شيء ما تائه فيها ..،

هنا رأيت مجموعة من الشباب تقترب .. مظهرهم يوحي بأنهم من ذلك النوع الذي ازدهر وترعرع بعد عهد الحرية الذي تلا الثورة ..، ذلك النوع الذي لا يتورع عن جذب السيدات من ملابسهن أو التحرش العلني بهن في أي طريق كان وبالتأكيد هم مسلحين بما يوفر لهم الإنسحاب الآمن قبل فتك الناس بهم

تلفت حولي بحثاً عمن يمكن الإستغاثة به إذا ما حدث ما أتوقعه فلم أجد أحداً .. أين يذهب الرجال عندما تحتاج الأنثى واحداً ؟؟؟

هنا كان الشباب قد وصلوا حدنا .. ولكن التحرش لم يتجاوز بضع كلمات تجاهلت ما سمعته منها وحاولت ألا أجتهد في سماع الباقي .. فقط حمدت الله بصوت مسموع أنهم مروا في سلام ..!

نظرت إليها .. وجدتها لدهشتي .. تراقب ردة فعلي و تبتسم !!

- أرأيتِ ؟؟ إن رد فعلك يثبت صحة نظريتي !
- لاحظي أني لم أعرف ما هي نظريتك بعد

- كم مرة تتعرض الفتاة للتحرش في السنة ؟؟ بل في اليوم ؟؟ وما هو السبب الذي يدفع الرجال للتحرش بها ؟؟

قلت باقتضاب وأنا أتذكر فيلم سينمائي شهير كان يناقش هذه الفكرة ونسبتها المروعة وأثرها على نفسية الفتيات .. : كثير !

قالت : نعم .. الكبت الجنسي أشبه بحلقة مفرغة .. تأملي معي .. شباب يعانون من الكبت الجنسي .. فلا يجدون إلا التنفيث عن طاقاتهم المكبوته في التحرش أو في ممارسة الحرام .. مما يقلل من فرص الزواج فلماذا يتزوج الشاب مادام الحرام ميسوراً ؟؟ ذلك يدفع بالفتيات إلى الإبتذال في الملبس والتصرفات في محاولة منهن للفت نظر الشاب والفوز به عريساً تكون النتيجة موضات ملابس مبتذلة منتشرة وبالتالي تفتن المزيد من الشباب وهلم جرا ..!!

- لكن الناس لا تكف عن الزواج بطبيعة الحال ..

- كذلك لا يشبع الرجل غريزته بشكل كامل بعد الزواج سرعان ما يمل ويبحث عن المزيد ..!

هنا قررت الصمت .. مشكلة الهراء أنه بعد وقت من الإستماع له يصبح مغرياً بالإستمرار في سماعه

قالت : تعالي من جهة أخرى .. لنرى لماذا تصبح الفتاة فتاة ليل وتسقط في بئر الخطيئة ..، ذلك بسبب الإحتياج المادي أو العاطفي ..، حسناً هذه الفئة من الفتيات رضيت بهذه الحياة لتشبع حاجتها إذا أليس أكرم لهن أن ينالو ما أردن في الحلال على شكل ملك اليمين ؟؟ لن نكن نحن الجواري بل هن من أرادت لنفسها هذه الحياة فلتنالها ولكن في شكل لا يخالف الشرع والدين ويكفيها الحاجة والعوز ..
قلت بصبر نافذ : والنتيجة ؟؟؟

قالت : سنرتاح نحن من التحرش فكل شاب سيجد في ملك اليمين ما يغنيه عن التحرش ببنات الناس .. ولن يتقدم لنا إلا من يريدنا حباً واقتناعاً وليس شهوة تنقضي بعد أيام من الزواج ثم يبحث عن المزيد

هذه فكره مجنونه بلهاء بالتأكيد ..، أبعد كل ما علمته لنا المدنية والتحضر وأضافته لثقافتنا الإنسانية نقبل بأن نرتد من جديد إلى عصور الظلام ؟؟ ثم إن النتيجة ليست منطقية أبداً فهذه فكرة تشرعن العلاقات المحرمة في صيغة تبدو بها حلالاً بلالاً ثم إنها قطعاً ستزيد نسبة العنوسة .. أعرف من الفتيات من سترضى بان تكون جارية ولا ترضى بان تكون حرة بلا زواج !

إبتسمت وأنا أتذكر غيرتها الشديدة على زوجها الذي تزوجت منه حديثاً وقلت بخبث : هل تقبلين أن يأتي لك زوجك بملك يمين في بيتك تكن خادمتك و..جاريته ؟؟

من الغريب أنها لم ترد :) !