سيدتي أكتب إليك هذه الرسالة وأنا لا أعرف هل يتسع إليها وقتك رغم حجم المشكلات الذي يأتيك كل أسبوع, ام لا؟ واذا قرأتها.. هل ستستخفين بها أم لا ؟مشكلتي بالغة الاهمية بالنسبة لي, و تؤثر جدا في حياتي كل يوم, فهلا أعطيتها العناية الكافية من فضلك. أنا رجل في نهاية العقد الرابع, اعيش في احدي محافظات الوجه البحري في أثناء دراستي بالكلية كان لي عدة علاقات مع زميلاتي علي مختلف المستويات, وكان معظمهن يتمنين الزواج مني, و لكن كانت واحدة فقط هي موضع اهتمامي الحقيقي, دون أن أصارحها, كنت أشعر انها تنتظر مني شيئا و كنت اتابعها من بعيد واراقب سلوكها, وفي السنة النهائية صارحتها بحبي و رغبتي في الارتباط بها.
بعدها نمت مشاعرنا وصار كل من حولنا يعرف بعلاقتنا ومضي حبنا قويا حتي تخرجنا وعملت باحدي الشركات الخاصة ثم تزوجنا سريعا وأنجبنا ولدا وبنتا, أدخلناهما المدارس الخاصة وصار لدينا سيارة وعشنا حياة جيدة بها بعض المشاكل الطبيعية الصغيرة والحمد لله علي ذلك.. تسألين إذن أين المشكلة ؟
المشكلة يا سيدتي ان زوجتي الحبيبة بعد15 عاما من الزواج عن حب أو يزيد, زهدت في علاقتنا الزوجية الحميمة,ولم تعد تطلبها أو تحبها او حتي تستجيب اذا طلبتها انا.
وكأنها استنفدت طاقتها في تربية الاولاد, رغم أنها ليست كبيرة في السن الي هذا الحد, لكنها صارت تنام بعيدا عني في غرفة الاولاد,ومؤخرا ارتدت العباءة وصارت تتردد علي بعض الدروس النسائية التي تقول لي عنها انها دروس في الدين وتجويد القرآن.
فهل ينصحها الدين او القرآن, بتجاهل احتياجاتي وإهمال علاقتنا الحميمة ؟
لقد صار بيننا تفاوتا شديد في احتياجنا لتلك العلاقة.
لم أعد اشعر بأي اكتفاء أو إشباع, وذلك يجعلني عصبيا وزائغ العينين و سيئ المزاج, و يؤدي لكثير من المشاكل والخناقات اللفظية المستمرة.
لقد صار الامر يؤثر أيضا علي عملي و علاقتي بزملائي و اصدقائي بالإضافة إلي الصداع شبه المستمرفي رأسي, وعدم احتمالي لتصرفات ابنائي, الذين يجدون انفسهم معاقبين أحيانا, بدون سبب حقيقي يفهمونه.
انا احب زوجتي,و علاقتي بالله تمنعني من اقامة اي علاقات نسائية لا يرضي عنها الله عز وجل, رغم استطاعتي ذلك بسهولة ان اردت.. لكني أصلي و أصوم, ولا يليق بوضعي غير الزواج, وقد يئست من تكرار محاولاتي الفاشلة مع زوجتي, حتي اني اخبرتها أنني سأتزوج, فلم يردعها ذلك, بل انها وافقت علي الفكرة بعد فترة من الإلحاح, واستسلمت لها دون ان يغير ذلك من سلوكها البارد تجاهي. هي لا تريد الطلاق, ولا تشتهي علاقتنا الزوجية الخاصة, في الوقت نفسه, انا غير قادرعلي كبح جماح الرغبة,ولا أريد ان أجرحها,ولا أريد أن يكون لي اولاد آخرون, يأخذون من اهتمامي بأولادي.
فكرت ان ابحث عن سيدة معتدلة الجمال, مطلقة او تأخر بها سن الزواج, لا تريد الإنجاب وتتفهم ظروفي وتتقي الله, وياليتها تكون نحيفة.. فهل يمكن يا سيدتي ان تساعديني, ولا تسختفي بي او بطلبي, اذا توافرت هذه الصفات والظروف في إنسانة كريمة من بين قرائك ؟ سأرفق لك مع الرسالة صورة شخصية وبياناتي كاملة, وفقنا الله جميعا للخير ولك كل الشكر.
عادل
عزيزي الأستاذ عادل
بشكل عام انا لا استخف بأي رسالة أو أي سؤال لقارئ يضع في هذه الصفحة ثقته,و أحيانا اختارمشكلات قد تبدو للبعض بسيطة وعادية, واقل تعقيدا من مشكلتك بكثير, لكني انشرها لأني اعلم يقينا ان الإنسان حتي لو علا شأنه او تعليمه أو منصبه, في النهاية هو مخلوق عاطفي ضعيف, قد يرتبك امام مشكلته هو بالذات,وحتي ان كان في العادة قويا أو فاحش الثراء أو خارق الذكاء, فهذا لا يمنع انه احيانا يحتاج الاهتمام بشدة, ويبحث عن المشاركة,ويطلب المشورة.
والغريب ان مشكلتك انت بالذات صادفتني علي صور مختلفة في أكثر من خمس رسائل علي الاقل!
حتي بدا لي الامر وكأنه ظاهرة, أو شكوي متكررة, فأجلت نشر أي رسالة إلي أن اجمع معلومات كافية,خاصة من الأطباء ذوي الخبرة والمتخصصين النفسيين في العلاقات الزوجية وحتي من اصحاب المعاناة بسبب تجارب مشابهة.
وكي نكون عادلين ويكون لنا من اسمك نصيب, دعنا لا نستبعد ان تكون انت نفسك جزءا من مشكلتك, ونختبر معا كل الاحتمالات:
بعض النساء لا تستمتع من البداية بالعلاقة الزوجية الحميمة, ولا تحبها, إما بسبب ان الزوج يعاملها بخشونة دون كياسة او إحساس او ثقافة, أو لكونها ضحية من ضحايا ختان الإناث الظالم الجاهل, ومع ذلك تقبل العلاقة وتمارسها كي تبدو زوجة ناجحة كاملة الأوصاف, او كي تنجب اولادا, وتستمر العلاقة سنوات بقوة الدفع الذاتي, حتي يستقر بيتها ويكبر الأولاد وتشعر بالأمان, وحينها تجاهر برفض العلاقة والزهد فيها.
خاصة اذا شجعها علي ذلك ايضا,بعض المعاناة الصحية أوبعض امراض النساء,التي لا تبالي حتي بالاسراع في علاجها, كي يظل الباب مغلقا في وجه الزوج, لأسباب تبدو واضحة ومعلنة, لكنها في الواقع ليست الاسباب الحقيقية.
بعض النساء يشعرن بعد سنوات من الزواج بالملل, خاصة لو أن الزواج من الأساس, كان لأسباب اجتماعية او مادية, ولم يكن هناك الحنان و التدليل و الاحتواء الكافي من ناحية الزوج.
افتقاد الذكاء العاطفي في العلاقة خطر و خطيئة, لدرجة ان بعض النساء اشتكين ان الشريك يدخل إلي الفراش وفي يده الموبايل او في معصمه الساعة,وكأنه لا يريد ان ينفصل عن عالمه الخارجي أبدا, حتي وهي بين يديه, ومثل هذه الحماقات تترك عند النساء ثقوبا في النفس,وجراحا في الذاكرة لا تنسي.
كل علاقة بين اثنين سر, وحالة خاصة لها تفاصيل لا تتكرر, وبديهيا لا يجب ان تكون خصوصية العلاقة الحميمية منتهكة من اي قريب أو صديق أو طرف ثالث, أم أو أب او اخت او كائنا من كان.
إفشاء اسرار العلاقة الخاصة جرم كبير وتلقي النصائح أو التعليقات التي قد يتبرع بها هذا او ذاك, قد يعرض العلاقة للشلل التام.. البيوت التي بلا ابواب يدخلها الذباب ورحم الله اجدادنا الفلاحين, الذين كانوا يدعون للفتاة حديثة الزواج بقولهم( ربنا يسعدك, ويهدي سرك).
وعودة لك يا استاذ عادل ومسألة تفرغ زوجتك للتجويد وعزوفها عن علاقتها الحميمية معك,بحجة زهد الدنيا والتفرغ لدروس الدين, فهذا مع كل اسف إحدي نتائج الجهل المطبق والتخلف المشين, في الخطاب الدين الذي صار ينشره في السنوات الاخيرة بعض مدعي الدين.
ورغم ان الحلال بين, ولا رهبانية في الإسلام, الذي جعل لحق الزوج علي زوجته أولوية, تكاد تصل حد التقديس.
الا ان بعض عديمي الاهلية والكفاءة, يضللون النساء في صالونات( الدروس الدينية), ويقلن لهن,ان ساءت الامور مع زوجك, فصبر جميل,اخرجيه من قلبك وعقلك ولا تبتئسي وتزوجي الاسلام, ستجدين في الدين خير عوض عن الدنيا بمن فيها.
وهو منطق فاسد,ولا علاقة تذكر بينه وبين التدين, لكن غياب الثقافة والقراءة وضحالة التعليم وانتشار الكذب و النفاق, اقنع بعض السيدات بالذهاب لتلك التجمعات الضالة, التي ترفع يافطة التقوي نصبا ورياء. إن بعضهن يطلبن الفتوي والنصيحة من فاقدي العلم والصلة بالموضوع, كمن يشعر بالألم في ضرسه, فيطلب العلاج من السباك!
اخيرا ايها الزوج الشاكي, لعلك الآن تأكدت أني لم استخف بمشكلتك,او بك, لكن هذا لا يمنع ان اعتب عليك,في طلب الزواج من سيدة تتقي الله وتوافق علي عدم الانجاب حتي لا تهتم انت بأولاد غير اولادك أو حتي لا تتحمل مسئوليات زائدة عن مسئولياتك.
اتق الله أنت اولا, ولا تكن انانيا لدرجة ان تحرم اي امرأة تتزوجها من الأمومة كشرط لدوام زواجك بها.
خاصة ان الاطفال(الآخرين) كما وصفتهم سوف يكونون أبناء شرعيين تماما كأبنائك الاكبر من الزيجة الاولي.
تخل عن الانانية واخلص لله النية حتي يوفقك ويهدي لك العاصي.
ابحث عن الاسباب واهتم بأن تجد علاجا جذريا للمشكلة,حتي لو تكلفت الذهاب مع زوجتك لعيادة استشارات زوجية كحل طبي اخير, وان لم تهتم هي او لم توافق, فلك ان تواصل حياتك مع شريك جديد, الحياة لا تبخل علي المضطرين بفرص اخري للنجاح وللنجاة.. من كل قلبي اتمني لك التوفيق.
والقادم أفضل بإذن الله.