arhery heros center logo v2

           من منصة تاميكوم 

آخر المواضيع

  • تواريخ سقوط النقاط الحصينة بخط بارليف في يد الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973 | 09-10-2024
  • وقائع حدثت لأول مرة بكأس العالم 1994لكرة القدم بأمريكا | 05-10-2024
  • طرق لاغراء الزواج ولفت انتباهه لك جنسيا | 01-10-2024
  • ما هو ال Mooc؟ | 14-09-2024
  •  الفروقات الجنسية بين الرجل والمرأة | 03-09-2024
  • فن اتقان المسافات | 02-09-2024
  • روابط هامة في الفيسبوك لحسابك الشخصي | 17-08-2024
  • الفرق بين سلاح الشيش وسلاح السيف و سلاح سيف المبارزة | 01-08-2024
  • أنواع النكاح في الجاهلية | 21-07-2024
  • المطبات الجوية و أنواعها | 11-07-2024
  • أنواع و وظيفة المراقبين الجويين للطائرات | 26-06-2024
  • كيف يتفادى الطيار المُقاتل الصواريخ جو/جو ؟؟!! | 24-06-2024
  • الحب يروي الحياة .. قصص حب | 17-06-2024
  • الفرق بين ليلة القدر ويوم عرفه؟ ! | 14-06-2024
  • معنى : "الآشيه معدن"  | 13-06-2024
  • الإعجاز في "فَالْتَقَمَهُ الحوت" .. و النظام الغذائي للحوت الأزرق | 21-05-2024
  • إعجاز (لنتوفينك) في القرآن .. هل هو صدفة ؟! | 19-05-2024
  • من قصيدة: شرايين تاجية | 15-05-2024
  • معجزة بصمة كل سورة في القرآن الكريم | 12-05-2024
  • كفكف دموعك وانسحب يا عنترة | 08-05-2024
  1. الرئيسية
  2. بريد الجمعة
  3. السقوط المروع! بريد الجمعة 21 فبراير 2014

آخر موعد : 24 أكتوبر

إضغط هنا لمزيد من التفاصيل 😋

بعد تردد طويل أمسكت بالقلم لأكتب إليك بمشكلتى التى أحالت حياتى إلى جحيم، ولا أجد سبيلا إلى الخلاص منها مع تراكم السنين، فلعلك ترشدنى إلى الحل، وتعيد إلىّ الطمأنينة وراحة البال اللذين افتقدتهما..

ولم يفلح كل من لجأت إليهم فى مساعدتى على استعادتهما، وأنا لا أطلب عونا ماديا، وإنما فى حاجة إلى دعم معنوى ونصيحة توجهنى بها إلى الطريق السليم، فأنا سيدة فى السبعين من عمري، أعانى أمراض الشيخوخة ومنها السكر والضغط والقلب، وانتهى الأطباء بعد فحصى مرارا إلى اننى أحتاج إلى جراحة قلب مفتوح، وسوف أخضع لاجرائها قريبا، وهى لا تشغلني، ولا ألقى لها بالا، إذ أننى مؤمنة بقضاء الله وقدره، وهو وحده الأعلم بحال عباده، وما فيه الخير والشر لهم، لكن من يشغلني، وأكتب إليك بشأنه هو ابنى الأكبر البالغ اثنين وأربعين عاما، وهو حاصل على مؤهل متوسط، وقد ربيناه وأخوته تربية حسنة، وامتلكوا جميعا الصفات الطيبة التى يتمنى كل أبوين أن يتصف بها أبناؤهم من حيث المواظبة على أداء الصلوات الخمس فى مواعيدها، وممارسة الرياضة بانتظام، والاسراع إلى فعل الخيرات، ومساعدة المحتاجين فى قضاء حوائجهم.. وأحبه أهل المنطقة التى نعيش فيها، وكانوا دائما يجدون فيه الملاذ عند الحاجة للذهاب إلى طبيب أو قضاء مصلحة فى جهة حكومية، ورأيت فيه رجلا بمعنى الكلمة بالرغم من سنه الصغيرة وقتها.وعندما تخطى العشرين بقليل جاءه عقد عمل فى إحدى دول الخليج، فسافر إليها وليته ما سافر، فلقد انقلبت حياته رأسا على عقب، إذ تعرفت عليه فتاة صينية أحبته وطاردته فى كل مكان، حتى وقع أسيرا لها، وأعطته كل شئ فتغير إلى النقيض تماما، وترك الصلاة، وعرف طريق الخمر فأدمنها، وتحول تحولا رهيبا، وسقط سقوطا مروعا، كل ذلك ونحن لاندرى عنه شيئا، وكلما اتصلنا به للاطمئنان عليه يتحدث معنا بشكل طبيعي، وتبدو لنا إشراقته المعتادة وحضوره الذى عهدناه فى كلماته ونبرات صوته، ومرت شهور وعندما حان موعد إجازته السنوية فوجئنا به يبلغنا بأنه لن يتمكن من زيارتنا بحجة أن صاحب العمل كلفه بمهمة عاجلة، ولم يشأ أن يرد له طلبا حتى تنشأ جسور الثقة بينهما، وانه سيؤجل الزيارة لوقت قصير، فصدقناه، بينما هو غارق فى عالمه الجديد الذى عرفناه من زميل له تعرف عليه هناك، وهو من المنطقة المجاورة لنا، وكتمنا الأمر، ونحن فى غاية الضيق والحزن، وخشيت أن أفاتحه فيما علمناه فلا يعود، ثم جاءنا فى إجازة العام التالي، وفى جلسة جمعتنى أنا ووالده معه واجهناه بما ارتكبه من أخطاء ومعاص، وحذرناه من مغبة الاستمرار فى هذا الطريق الذى سيؤدى به إلى الضياع، واكتفى والده وقتها ببضع كلمات، أما أنا فقد أصبحت له كظله، وعرفت انه يشرب الخمر، وربما يكون قد تعاطى المخدرات، فكنت له بالمرصاد وكان يتحاشاني، ويهرب منى أحيانا، وفى أحيان أخرى يبكى ويقول إنه لا يتعاطى أى خمور.. فرجوته ألا يعود إلى هذه الدولة مرة أخري، فثار عليّ من باب انه رجل ويعرف مصلحته جيدا، وعندما رآنى أبكى ألغى سفره بالفعل امتثالا لرغبتي، وتظاهر بأنه توقف عن تعاطى المخدرات، لكنه كان يرتاد الفنادق التى تقدم الخمور وتأكد لى ذلك فيما بعد.وتوفى والده بعد مرض قصير، فتحملت العبء وحدي، وبالإلحاح والمتابعة عاد إلى حالته الطبيعية ومارس رياضته المعتادة، وبدا لى مظهره العام عاديا، واستمر على ذلك شهورا، فتصورت انه تعافى من ألمه النفسي، ولكن ما لبث أن ساءت حالته من جديد، وبصورة أشد انتكاسة، فكان يصحو من النوم أحيانا، ويظل واقفا مكانه لبضع دقائق، ثم يتوضأ ويصلى ركعتين، ثم يعود إلى النوم، وأحيانا كان يصرخ بصوت عال من أوجاع وكوابيس تنتابه وهو نائم، فأهرع اليه، وأحاول ايقاظه، فينهض منزعجا ثم يجهش بالبكاء، ويتقوقع فى ركن من السرير ساعات طويلة، وأنا حائرة لا أدرى ماذا أصنع له، وسألت الله أن يزيح عنه ما ألم به، وعاودت الالحاح عليه أن يفضى إليّ بما يكنه فى صدره، إذ اننى بقلب الأم أحس انه يخفى عنى شيئا ما، وقلت له: إن المستقبل أمامه كبير، وأبواب العمل كثيرة ويستطيع ان يتزوج ويعيش حياة سعيدة مثل كل الشباب، وسألته : لماذا تريد أن تحصر نفسك فى الدائرة الضيقة التى كادت أن توردك موارد الهلاك؟ لكنى لم اسمع منه اجابة، وكان الصمت هو سلاحه الوحيد فى التعامل معي... ومرت شهور استعاد بعدها حضوره، وتحسنت حالته النفسية بعض الشئ، وابلغنى أنه سيسافر إلى ألمانيا، وسيبدأ حياة مختلفة عن التى فرضتها عليه الظروف فى البلد الخليجي، فأعدت عليه نصائحي، وأنا أدعو له بالتوفيق، وأن يبعده الله عن اقران السوء، وهناك تزوج من ألمانية، وأنجب منها طفلة جميلة لكنه لم يستطع التأقلم معها لأنها حادة الطباع، فانفصل عنها، وعاد إلى مصر تاركا ابنته مع أمها، فانتكست حالته من جديد، وقطعت مطلقته الاتصالات به، فلم يعد يعرف لها مكانا، ولا رقم هاتف، وذهب شقيقه الذى يليه فى السن إلى السفارة الألمانية فى محاولة لمعرفة عنوان مطلقته الجديد، فلم يدله أحد على أى معلومات بشأنها، وباعدت الأيام بينه وبين طفلته، وانعكس ذلك على حالته النفسية والجسدية، فلم يستقر فى عمل، ولم يهدأ له بال.لقد عمل ابنى فى شركات كبري، وأثبت تفوقا ملحوظا شهد به رؤساؤه فى كل المواقع التى شغلها، لكنه كان فجأة يتوقف عن العمل، فيتم الاستغناء عنه، وكلما وجدته على هذه الحال يعتصر الآلم قلبي، وابكى بحرقة، وطرقت ابوابا عديدة أملا فى انتشاله من المصير الذى يتهدده، لدرجة اننى لجأت إلى شيخ يحبه هو، ويهوى الاستماع إلى خطبه، لكنى لم أصل مع هذا الشيخ إلى نتيجة، فكل من يرى ابنى يستغرب لحاله، حيث إنه شاب ذكي، يجيد الألمانية والإنجليزية، ويتمتع بحس فنى عال ويتقن فن الجرافيك، وأعمال الصلصال، وينبهر بأعماله كل من يراها.وتمضى حياته الآن بين الاستقامة والانتكاسة، كما أن فترات هدوئه قصيرة وفترات توتره طويلة، وبعد أن كان يعانى بعض الهواجس والخيالات صارت تنتابه كوابيس شديدة الوطأة عليه، إذ يرى كلابا سوداء تطارده، وهو نائم فينهض مفزوعا، ويتلفت حوله مذعورا، فإذا بكل ما يتخيله سراب لا وجود له.وها أنا أكتب إليك هذه الكلمات بعد أن قرأت له بضع آيات من القرآن الكريم، وخلد بعدها إلى النوم، أما أنا فلم يغمض لى جفن منذ شهور، ولا أدرى ماذا أصنع له، ولا كيف انتشله من براثن الضياع الذى يحيط به من كل جانب؟... فأنا أريد الاطمئنان عليه، وأن أجده سليما معافى قبل أن أرحل عن الحياة، فبماذا تنصحني؟.

 

< ولكاتبة هذه الرسالة أقول :تأخرت كثيرا يا سيدتى فى علاج ابنك من المرض النفسى الذى ألم به منذ سنوات شبابه الأولى عندما سافر إلى الدولة الخليجية التى تعرف فيها على الفتاة الصينية التى تسببت فيما لحق به من أذى وفقا لما تشيرين إليه فيما بين سطور رسالتك، فأنت ترجعين ما يتعرض له من وساوس وكوابيس إلى عمل من أعمال السحر، وإن لم تشيرى إلى ذلك صراحة، وتجاهلت أن إدمان الخمور والمخدرات هو بداية الهلاك لأى إنسان، وكان الواجب عليكم بدلا من منعه من السفر بضع سنوات بعد التجربة الفاشلة فى الدولة الخليجية أن تلحقوه بمصحة لعلاج الإدمان لتلقى العلاج المناسب على أيدى متخصصين، فمثل هذه النوعية من العلاج تتطلب وقتا طويلا ومتابعة مستمرة... ثم جاءت التجربة الثانية بزواجه من ألمانية وإنجابه طفلة منها لتجهز عليه، ولتصل حالته إلى ما وصلت إليه من تدهور.وبعيدا عن أعمال السحر والشعوذة التى يمكن أن يتفاداها الإنسان بالتقرب إلى الله والدعاء بأن يرد هذه الأعمال على من يقوم بها، وهى لا تضر أحدا إلا بإذنه تعالي... اقول : بعيدا عن ذلك فإن المرء فى هذه الحياة ليس له سوى أحد خيارين... إما الإيمان بالله والتماس عونه، من خلال استقامة السلوك وحسن المعاملة، والانشغال بالعلم والعمل الصالح ومساعدة المحتاجين... وهذا هو طريق الله الذى ينعم فيه الإنسان برضاه سبحانه وتعالي، ويحقق النجاح به فى اختبارات وابتلاءات الدنيا.. وهذا الخيار انتهجه ابنك فى مطلع حياته، وكسب به الكثير، قبل ان ينحدر إلى الخيار الثاني، وهو الانشغال بالملذات والمحرمات وتوافه الأمور... وهذا هو طريق الشيطان، وفيه ضياع الإنسان، وذلك هو الخسران المبين، وصدق الله العظيم اذ يقول «فريقا هدي، وفريقا حق عليهم الضلالة، إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله، ويحسبون أنهم مهتدون».. وللأسف الشديد فقد تحول ابنك من الفريق الأول الى الفريق الثانى استجابة للاغراءات والاغواءات التى تعرض لها فى البلد الخليجى فكان «سقوطه المروع» على حد تعبيرك.ونقطة البداية لاستعادته بعد كل هذه السنوات من البعد عن الله، بيده هو وحده واختياره بما يملك من عقل وارادة، وأجد المخرج من أزمته فى قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه «نفسك.. إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل».. صحيح أن التغيير صعب خصوصا فى مثل سنه، لكنه ضرورى لمواصلة الحياة على أسس سليمة، ومادامت لديه العزيمة والاصرار على العلاج والخلاص مما هو فيه، فسوف يعود سليما معافي.. كما أن طريق الشفاء الحقيقى ليس مقصورا فقط على علاج أعراض انسحاب المخدر من جسمه ثم تركه عرضة للانتكاس فيما بعد، وانما يجب الوصول الى استرداد عافيته الأصلية بوجوهها الثلاثة الجسدية والنفسية والاجتماعية، وضمان عودته الفعالة الى العمل والمجتمع.ولاشك أن تغيير روتين الحياة التى اعتادها طوال ما يزيد على عشرين عاما له دور مهم فى عدم تكراره التجربة الأليمة، وعليه أن يثق ان الله سيساعده ويكلل جهوده بالانتصار على نفسه بشرط أن يخلص النية له عز وجل، ويأخذ بالأسباب، ويعرف أنه لاشئ مستحيل فى الدنيا مادام قادرا على اصلاح الأخطاء، فمصير المرء ليس مسألة حظ او مصادفة لكنه مسألة اختيار بيديه وحده التحكم فيها، وهذا هو التحدى الحقيقى الذى يواجهه، ويقينى أنه لو امتلك الارادة والعزيمة، فسوف يعود الى حياته الطبيعية وسيرته الأولى وتتفتح له أبواب الأمل، ويستعيد نشاطه، وسوف يلقى ابنته، فالتواصل الانسانى سيكون متاحا له بعد أن يتعافى من أزمته، ويمكنه حينئذ أن يسافر الى المانيا ويطرق الأبواب من جديد ساعيا الى لقائها، ومد جسور الصلة بينهما.فاطرقى باب علاجه النفسى وتخليصه من الإدمان أولا، وأرجو أن تتفضلى بزيارتى لترتيب هذه المسألة مع الأطباء المتخصصين.. وهونى على نفسك ياسيدتى وضعى أملك وثقتك فى الله، واسأليه أن يفرج همك، وأن يكشف الضر عن ابنك، وأن يكتب لكم جميعا الطمأنينة والألفة وراحة البال.

لا تعليقات