بكل أسف تابعتُ عن كثب ما انتشر بالأمس عبر وسائل التقاطع الاجتماعي من هذه الضجة الوحشية على أحد قامات مصر في علم الآثار والمصريات، وهو البروفيسور العالمي الشهير زاهي حواس.

ووجه اعتراض العوام - وكل مَنْ لم يدرس علم المصريات من العوام حتى وإن كان حاملا للدكتوراة - كان اعتراضهم على قول د. زاهي - في مداخلة مع عمرو أديب - بأنَّه لا يوجد أي ذكر للأنبياء السابقين في ما عثرنا عليه من آثار مصرية (سواء كانت نقوش أو ممياوات أو برديات أو ...)، ثم أردف يقول: ولكنَّ الكتب السماوية فقط هي التي أنفردت بذكرهم.

والحق أن الرجل لم يشرد عن الصدق في قوله، وليس هو العالم المتخصص الأوحد الذي قال هذا، بل لم يخرج أحدٌ أبدًا ممن درس علوم الآثار المصرية وأتقنها وتخصص فيها وقال بأن الآثار المصرية قد ذكرت سيدنا موسى أو عيسى أو إبراهيم .... لكن ذكر هؤلاء الأنبياء قد جاء في الكتب السماوية.

س: نفهم من ذلك أن د. زاهي ينكر القرآن؟

ج: إطلاقا، بدليل أن الرجل قد ابتدأ مداخلته بقول: (أنا مسلم وأؤمن بما جاء في كتاب الله والكتب السماوية الأخرى).

س: هل د. زاهي ينكر وجود الأنبياء في مصر لمجرد عدم ذكرهم في الآثار المصرية؟

ج: لا، غاية الأمر أنه يتحدث فقط عن ذكرهم من عدمه في الآثار المصرية والأسباب التي دعت إلى ذلك.

س: هل د. زاهي يجزم بأنه لا وجود للأنبياء في الآثار المصرية كلها؟

ج: لم يجزم، ولكنه قال لا يوجد فيما توصلنا إليه من آثار، وإذا كنا لم نعثر إلا على ٣٠٪ فقط من الآثار، فيظل هناك ٧٠٪ لم نعرف عنها شيء، فوارد أن يكون فيهم ذكر للأنبياء وتاريخهم.

س: وهل د. زاهي حواس يؤخد بكلامه؟

ج: والله اسأل الدنيا كلها، وهي تخبرك مَنْ الدكتور زاهي حواس، صاحب الاكتشافات المذهلة في علم الآثار المصرية، ووزير الآثار والثقافة الأسبق، وأحد علماء المصريات المعدودين.

و الدكتور زاهي ليس مجرد قارئ أو كاتب أو ناقل كلمة من هنا وكلمة من هناك، لكنه مكتشف، وله اكتشافاته الآثرية المسجله باسمه، ومنصبه كوزير للآثار أتاح له أن يصل إلى أماكن بعينها وأن يطلع على وثائق سرية لا تُتاح لأي باحث أن يطلع عليها.

وإذا كنا لا نُصدِّق العالم المتخصص الذي قضى حياته وعمره في البحث العلمي والفحص التجريبي والدراسات المعقدة للآثار المصرية... إذا كنا لا نصدق هؤلاء فمَنْ نُصدِّق؟ 

أنُصدِّق ذوي العواطف الدينية، أم نُصدِّق علماء الفيس بوك الذين لم يسلم من لسانهم متخصص، أم نُصدِّق العوام الذين لا يعرفون أي شيء عن الحضارة المصرية القديمة، سوى بعض المعلومات المغلوطة.

س: هل كلام د. زاهي حواس مقدم عندك على القرآن؟

ج: لا، بل القرآن عندي أصدق خبر، ﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِیثࣰا﴾، ﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِیلࣰا﴾.

ولو كان الدكتور زاهي حواس أو غيره أنكر ما جاء في القرآن لكنتُ أول مَنْ تبرأ منه وتعرَّض له.

لكن الحق أن الرجل لم ينكر القرآن ولا الكتب السماوية عموما بل هو يتكلم من الجزء البسيط الذي تم اكتشافه من الآثاء المصرية والتي بين يديه واضحة كالسطر الواحد، وأنه لا يوجد فيه ذكرٌ لأي نبي ممن جاء ذكرهم في القرآن.

س: ماذا تريد أن تقول؟

ج: أريد أن أقول للعوام، لا تهرفوا بما لا تعرفوا، ولا تصدقوا كل ما ترونه من منشتات الفيس بوك، فأكثرها فيه لغط وقص ولصق لجذب المشاهدين والمتابعين، وكان الأولى أن تستمعوا للفيديو كامل دون قص.