وجدتها مطوية في جرار مكتبي أثناء تفريغ محتوياته عندما كنا نهم بالإنتقال من منزلنا الى منزل جديد ..،
ورقة صفراء مهترئة بشدة مقسمة إلى أربعة أجزاء كل جزء منهم يحوي في منتصفه بؤرة محترقة صغيرة
قمت بتجميعها ولصقها من الظهر كيفما اتفق ليتسنى لي قرائة محتواها ..،
كانت ورقة تحوي ما يسمى ب " العهود السليمانية السبع " !
على اطراف الورقة آيات قرآنية وفي ذيلها عدد من الرموز يثير القشعريرة ..، تلك الرموز التي لا يمكن أن تكون إلا سحر أو ما يتعلق به من شفرات وألغاز ومعادلات !
كما عرفت لاحقاً أنها حجاب منتشر وقد رأيت هذه الورقة في عدد من الأمكنه منها إحدى المكاتب في الهيئة التي أعمل بها ..، لذا فلم تكن الورقة في حد ذاتها هي ما أثار توجسي ولكن الهيئة التي وجدتها عليها ثم كيف وصلت إلى مكتبي في البيت أصلاً !!
سألت عنها أفراد عائلتي الصغيرة فكانت الإجابة التي أعرفها مسبقاً ..، لا يعرف أحداً شيئاً عنها ..، والدي ووالدتي متعلمين وعلى قدر كبير من التدين ويثقون في أن الله هو الحافظ ثم إنهم لم يقومون بأي أذى لمخلوق يدفعه لكراهيتنا إلى حد دس شيء مؤذي لنا ناهيك عن أن غرفتنا أنا وأخي لا يدخلها غرباء !!
طويت الورقة على لغزها ودسستها في جيب حقيبتي على أمل أن أجد من هو قادر على فك لغزها لاحقاً ..، ولكن ذلك لم يمنع الخيال من الإنطلاق بعيداً وربط عدة أحداث بتلك الورقة التي توهمت فيها قوة خرافية لا تبدو عليها ..،
أخي كان وقتها مهدداً بالفصل النهائي من كلية الهندسة لرسوبه المتكرر على الرغم من ذكائه ونبوغه طوال أعوامه الدراسية السابقة ..، ناهيك عن أن السنة الأخيرة التي رسب فيها لم ينجح في أي مادة قط بشكل غريب جداً على الرغم من آدائه نسبة كبيرة من درجات المواد بنجاح بالجزء العملي !!
ولعل ذلك هو ما دعاني للإحتفاظ بتلك الورقة معي حتى إذا ما كانت أذى أدفعه عنه واحتفظ به لنفسي ..،
حدث أن سمعت إحدى الزميلات تتحدث عن السحر والأعمال وما إلى ذلك من الأحاديث الطريفة التي تروق للنساء فتذكرت الورقة التي أحملها ..، وعرضتها عليها فبدا عليها الخوف والتوجس وانتقل لي ذات شعورها بالإيحاء ثم اقترحت علي أحد المشايخ ممن لهم باع في هذا الأمر لاستشارته وأعطتني عنوانه في حي المعادي
قضيت أياماً سوداء لا شغل لي الا البحث عن أصول هذه الورقة وحول محتواها ..، طرقت عدة منتديات على الإنترنت تهتم بتلك الأمور وطرحت صورة الورقة والسؤال عنها فلم أجد الا أدعية التحصين ولم يقدم لي أي أحد سبب معقول عن كيفية وصولها إلى مكتبي !
الهراء يبدو هراء من بعيد .. لكن إذا أعطيته أكثر من حجمه فإنك تنغمس تماماً في تفاسير خرافية وتعلق على تلك الأوهام كل هموم حياتك وعثراتها ..، يحب الإنسان الحديث عن أمراضه وعن اضطهادات مديره في العمل أو حتى حكومته .. البارانويا نمارسها جميعاً ونستمتع بالشعور بلذة الإضطهاد لأنها تمنحنا أمام أنفسنا صورة نبيلة قد نرى غيرها لو أنصفنا في تقييم الأمور
هكذا تدرج الأمر بي من الإستهتار إلى التوجس إلى الإقتناع بأن هذه الورقة التعيسة هي السبب في كل مشكلات حياتي وهي ما تجعلني أهرب من لقاء العرسان وأرفضهم وأتعامل بغلظة وحدة مع الجنس الآخر ! كما علقت عليها فشل أخي الدراسي وجميع المشاكل التي تعرض لها أبي وأمي !
لذا وجدتني أبحث عن عنوان ذلك الشيخ وأبحث كذلك عمن ترضى من الصديقات مصاحبتي في الذهاب إليه في مهمة لا تخلو من الخطورة لآنستين لا يعلم أهلهم أي شيء عما ينتويان فعله
أخيراً وجدت صديقة جسورة ثورية مثلي قبلت بكثير من الشجاعة والفدائية الذهاب معي اليه ..،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منطقة شعبية بحي المعادي لا أذكر كيفية وصولي إليها يقع بيت الشيخ ..
قمت بالاتصال به فاخبرني بانه في الطابق الاخير من احدى العقارات القديمة
ثم كانت المفاجأة الساره وانا على أعتاب بيته بأنه مطلق ويعيش مع ابنتيه بلا زوجة ! هذه المعلومات لا تعرفها الا بعد فوات الأوان !
طالما وصلنا الى هنا سنستكمل >>> هكذا قالت نجلاء صديقتي الفدائية :)
صعدت وانا ارسم في خيالي سيناريوهات عملية الإغتصاب التي ستحدث بعد قليل لنا .. واحصي اسلحتنا فلم أجدها أكثر من عدة أعود من الثقاب معي تكفي لاشعل النار في نفسي بعدما ينتهي مولانا من جلسته ! لذا رحت احث نجلاء على جلب النجدة لي اذا تمكنت من النفاذ بجلدها .. اما اذا تمكنت انا فلتسامحني على ندالتي !!
طرقت الباب العتيق ففتح لي الشيخ ..
رجل قصير رفيع للغاية ملتح بالطبع ولكن لحيته قصيره لا تبدو عليه الخطورة .. لم نكد نلتقط انفاسنا حتى صدمنا بالمفاجأة وجدنا معه رجلين اشداء كل منهما يبدو كأنه هارب من جولة من جولات المصارعة الرومانية القديمة ..، رائع هكذا ضمنت اني ونجلاء لن ينفذ احدنا بجلده ليطلب نجدة أو يعمل الندالة !
جلسنا بالقرب من الباب ورحنا نشحذ طاقتنا للأسوء عندما ابتسم الشيخ كنما قرأ أفكارنا وطلب منا ان نمهله دقيقة ..،
كان أحد الرجلين يبدو عليه الاحباط واليأس وراح الشيخ يكتب شيئاً في ورقة ثم يخبره عن شخص ما يسعى للايقاع بينه وبين زوجته ويضع له عملاً أسفل ورشته !!
هكذا يبدو أن فضيلته لا يختلف عن اي دجال آخر هذه حيل استهلكتها السينما ولا شك ان كلا الرجلين معه لزوم (رسم المنظر )
فجأة التفت لي كأنه عرف ما أفكر فيه .. وابتسم ..!
دخلت ابنته تبدو في المرحلة الاعدادية محجبة محتشمه وجميلة .. ومعها لنا كوبين من العصير ..، لم نكن بهذه السذاجة فكلانا قرأ كل روايات رجل المستحيل وما وراء الطبيعة ونعرف أن أكواب العصير هذه تحوي دائماً مخدراً ما لتسهيل امور الخطف والاغتصاب ..، الواقع ان الادرينالين في جسدينا كان في أعلى معدلاته وكان بامكاننا الوثب في وجه الشيخ عند اول لفتة للغدر لذا لم نذق منه رشفة واحدة - العصير بالطبع لا الشيخ -
تم فجأة نظر الى نجلاء وقال لها حرفيا : دماغك ناشفه قوي .. معدنك حديد انتي دماغك أنشف من صديقتك - انا - !
ثم نظر لي وقال :- وأنت معدنك ذهب !
نظر الحديد والذهب االى بعضهما البعض وانا لا اجد في دماغي شيئا طرياً يجعل دماغ نجلاء أنشف .. وهي لا تجد في نفسها رخصاً يجعلني أتميز بالذهب !
كأنه قرأ أفكارنا راح يسترسل ناظراً لي : انتِ هتحبي أولادك بجنون هتكوني ام بمعنى الكلمة !
لم آت هنا لأعرف ما معدني ولا ما سأكون عليه مع أولادي ناهيك عن أن الغيب بأمر الله فقط ..، مددت يدي بالورقة في اشارة لانني هنا من اجل هذه فقط وأريد الانصراف عاجلا وسليمه !!
أخذها مني وهو يقاوم الابتسام .. ثم راح يحمد الله كثيراً ويشكره ويسرد السيرة الذاتية له التي تتلخص في انه دعا على الرئيس جورج بوش عقب غزو العراق واستعان بلجان عليه وان الله اراه فيه عجائب قدرته !!
ملخص ما قاله لي أن من وضع هذه الورقة كان يظنها للأذى لكنها ليست كذلك وأنه ليس بها شيء واذا أردت التخلص منها فليكن في ماء جاري أو بالحرق
شكراً .. هذا ما أردت ..
أخذتها منه وهممت بالانصراف لولا انه اعطاني ورقه بها ايميله الشخصي وموقعه .. كتمت خواطري عن ذلك الشيخ الذي يعرف الشات والايميل واخذت الورقة وفي ضميري انها ستتناثر قطعا بعد قليل على باب البيت !
بعد بضعة أيام كنت على كوبري قصر النيل .. اتجاهل نظرات الفضول من الناس وانا اخرج الورقة واشعل بها النار واتلو آية الكرسي والمعوذتين ..، ثم ألقيها مشتعلة في مياة النيل الجارية
من مكاني تأملت المياه المتدفقة ..، وسؤال يلح علي لم أجد له اجابة حتى الان ،،
هل هكذا انتهى كل شيء ؟؟!!