تفتح الستار
علي قاعه بها مكتب كبير أنيق أمامه كرسيين بينهما منضدة صغيرة
وعلي خادمتين يتناولان خبر بالجريدة اليومية
إحداهما تقرأ
غني بالكلمات والأسلوب يمكنه فهم وبلورة أفكاري ووضعها في قالب قصصي شيق لا يشترط جنس أو سن معين
تضحك الخادمة الاخري متسائلة : هل يوجد غني بالكلمات
الخادمة الاخري ضاحكة : السؤال هو هل يوجد من يقبل
الاولي : نعم فقط إستقبلت السيدة مكالمة من عدد من المتقدمين
سوف تقابل اولهم بعد نصف ساعة في تمام الواحدة ظهرا
تدخل سيدة شابة يبدو عليها الأرق والتوتر
ترمقهم بنظرة صارمة فتنصرف كل منهما إلي عملها ثم يخرجان وتبقي السيدة بمفردها تتحرك في أنحاء الغرفة بعصبية
تجلس خلف المكتب في محاولة مستميتة للاسترخاء بحثا عن الهدوء والسكينة تضع رأسها علي المكتب وتسبل جفنيها
لحظات ويدخل شاب أنيق الملبس وسيم القسمات يتجه الي المكتب بثقة ينقر عليه بأصابعه برفق في محاولة لتنبيهها بوجوده
تفتح عينيها ببطء سريعا تظهر في عينيها نظرات الدهشة و الاستنكار تنهض من مقعدها متسائلة من أنت وكيف دخلت ألي هنا
ينظر إليها بهدوء وثقة ويجيب أتيت من أجل الاعلان
هي : حقا هل ترغب أن تشاركني
هو : بل جئت لافهم ماذا تريدين
عندي مئات الأفكار لروايات ومقالات واشعار
أراها في خيالي كما اري شريط لفيلم سينمائي
لكني عندما حاولت أن اكتب عنهم
هربت مني الكلمات كما تهرب الروح من الجسد
يشعر بنزعها ولا يمكن إمساكها
أوكما تهرب قطرات الماء من بين الاصابع فلا يبقي منها ما يروي ظمأ
لذلك أحتاج من يمكنه أن يفهم أفكاري ويساعدني في إنعاش كتاباتي المحتضرة
هي : إذاً فلماذا جئت لمقابلتي ؟
هو : حتي لا تسيئين لنفسك ولغيرك
هي وهي تدور حول المكتب لتقف أمامه : كيف هذا ؟
هو ينظر الي عينيها مباشرة : تسيئين لنفسك ولغيرك بأمرين
أولهما تتجاهلين منح الله لك وتحاولين البحث علي من تسطين علي موهبته
هي مقاطعة : لن اسطو علي موهبة أحد لكني ساشاركه انا بالافكار هو بالاسلوب والكلمات
هويكمل كأنه لم يسمعها : ثانيهما لن تجدي من يفهم إحساسك خير منكِ
لن تجدي من يمكنه أن يصبح مترجم لافكار تدور في رأسك
هي مقاطعة للمرة الثانية : توقف عن هذا انت لا تفهم شئ
لا تفهم ما أشعر به حينما أبدأ بكتابة قصة أو حتي فكرة صغيرة
أشعر كأني أولد للحياه من جديد
تكمل ببكاء مبتعده عن نظراته
حينما أتوقف قبل أن أكمل عملي أشعر اني مولود مشوه
حياته طبع عليها اليأس والألم
مع بعض نظرات الشفقة من المحيطين
لايسعني إلا أن أبتعد عنهم
هو ايضا يكمل كأنه لم يسمعها
لن تجدي من يمكنه أن يصبح صدي لكلمات لم ينطقها لسانك
تلتحم تظرات العينين بما يعني التحدي
ينسحب بعيدا عنها في ركن مظلم دون أن تنفصل النظرات
تدور حول مكتبها وتجلس عليه
ترن جرس فتدخل الخادمة : نعم سيدتي
هي : ادخلي اول المتقدمين للاعلان
تنصرف الخادمة وتدخل شابة يبدوا عليها امارات الذكاء
هي تشير الي مقعد امامها بابتسامة
هي : اسم امل جميل هل سبق لك الكتابة من قبل
امل : نعم اكتب قصص قصيرة في منتديات
هي : جيد هل يمكنك ان ترتجلي قصة من مجموعة افكار اطرحها عليك
هي : الفكرة هي ان اطرح عليك فكرة ومجموعة مشاهد غير مكتملة لقصة
قالتها ونظرت حيث الركن المظلم في عينيها تبدو ابتسامة ظفر
تحدثهاعن فكرة احدي رواياتها الموؤدة
ثم تسألها : ما رأيك هل يمكنك إكمالها معي
امل : سأحاول لكن هذا يحتاج كثير من الوقت
فقد يستغرق الأنسان عدة سنوات ليفهم نفسه
ويتحرك نحو أسطورته الذاتية
مع نهاية كلماتها خبت ابتسامة الظفر
هي : حسنا يمكن ان نتقابل في مرة اخري
اتركي رقم هاتفك فقد نتحادث مرة اخري
تناولها ورقة وقلم لتدون اسمها ورقم تليفونا وتنصرف
تنظر مرة اخري للركن المظلم الذي بدأ ظلامه ينقشع تدريجيا
تجلس علي المقعد المواجه للمكتب صامته
نظرها متعلق به مثل التلميذ المذنب الذي ينظر لمعلمه منتظر التأنيب
يقف امامها ويتحدث مثل محاضر في مدرج الجامعة
هو : أنت أنسان كامل عاقل يعرف معني الكلمات
هو درب الانسان للتعبير عما يشعر به
أو ضحكة صافية تشرق لها شمس الأمل
كسرة خبز ترقد في جوف جائع
او رشفة ماء تروي ظمأ عطشان
هل يمكن ان تشعري بالام واحزان
وتبحثين عن من يتوجع نيابة عنك
تفرحين وتريدين من يضحك بدلا منك
لكنك لم تفقدي عذب الكلمات وبلاغة الاسلوب
هي : معذرة سيدي كيف تعرف عني كل هذا . هل تعرفني ؟
هو : أجل أعرفك تمام المعرفة
هي : تعرفني! كيف فأنا لم أرك من قبل؟
هو : بل تعرفيني ورأيتني من قبل؟
هو : سأوفر عليك الحيرة وأقول لك
هل تتذكرين أول مرة تكلمتي فيها كلمة بابا وماما
كنت أنا الحرف المتعثر علي شفتيكِ
تذكرين أول يوم لك في المدرسة
أنا كل كلمة قراتها عيناكِ
كل أية قرآنية وحديث شريف نطقه لسانك
لتريه جيدا عليكِ فقط أشعال الضوء
تلتحم النظرات للمرة الاخيرة لكن بنظرة استعطاف يخرج من الغرفة دون ان يوليها ظهره
ثم تتجه إلي المكتب تضع رأسها عليه
لحظات وتدخل الخادمة وتعود معها الاضاءة
سيدتي لقد جاء المتقدم للاعلان
ترفع رأسها ببطء وتسأل كم الساعة
تدرك ان ما رأته لم يكن سوى حلم
الخادمة كأنها لم تسمع : ماذا؟
اصرفي كل من جاء من اجل الاعلان
تكمل حديثها كان أحدا يحادثها
لا أريد من أحد أن يبكي للحزني
لا اريد أن يترجم أحد افكار تجول برأسي
أعبر عن ما يجول بخاطري بأسلوبي