السلام عليكم و رحمة الله
مختارات في هذا الموضوع الهام : الزنا و التوبة منه
" وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً "سورة الفرقان / الآيات 68:70 .
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،
ارتكاب فاحشة الزنا من الذنوب العظيمة والخطايا الكبيرة ، وقد حذَّرَنا الله تعالى من الاقتراب منه فقال سبحانه :" وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً " سورة الاسراء / الاية 32 ، فقد نهى الله عباده عن الزنا وعن مقاربته ووصفه بأقبح الألفاظ ، كما حذرنا منه النبى صلى الله عليه وسلم فى سنته فقال :" لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن " متفق عليه ،( قال عكرمة : قلت لابن عباس : كيف ينزع الإيمان منه ؟ قال : هكذا ، وشبك بين أصابعه ، ثم أخرجها ، فإن تاب عاد إليه هكذا ، وشبك بين أصابعه ) .
ومع هذا فإن من سعة رحمة الله بعباده أنه وعد التائبين بقبول توبتهم، مهما بلغت ذنوبهم، فباب التوبة مفتوح ولله الحمد، للزاني وغيره ، قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ " ( التحريم / 8 ) ، وقال تعالى:" أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ " سورة التوبة / الاية 104.
والمعاصى جميعها من الصغائر والكبائر تُكفَر بالتوبة النصوح قال الله تعالى : "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ" سورة الزمر/ الاية 53:51 ،وقال تعالى : " وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى " سورة طه/ الاية 82 ، وليس هذا فحسب بل ان الله قد وعد من تاب وامن وعمل عملا صالحا بأن يبدل سيئاته حسنات قال تعالى : " إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" سورة الفرقان /الآية70 .
وقد أجمع العلماء على ان اثم المعاصى الكبائر يسقط بالتوبة (التوبة النصوح المستوفية لشروطها )، قال الامام النووى في شرحه على صحيح مسلم :" وفي هذا الحديث ( حديث الغامدية ) دليل على سقوط إثم المعاصي الكبائر بالتوبة، وهو بإجماع المسلمين إلا ما قدمناه عن ابن عباس في توبة القتل خاصة، والله أعلم، فان قيل: فما بال ماعز والغامدية لم يقنعا بالتوبة وهي محصلة لغرضهما وهو سقوط الإثم، بل أصرا على الإقرار واختارا الرجم؟ فالجواب: أن تحصيل البراءة بالحدود وسقوط الإثم متيقن على كل حال لاسيما وإقامة الحد بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما التوبة فيخاف أن لا تكون نصوحاً، وأن يخل بشيء من شروطها، فتبقى المعصية وإثمها دائماً عليه، فأرادا حصول البراءة بطريق متيقن دون ما يتطرق إليه احتمال والله أعلم" انتهى ، فقد دل هذا على ان من وقع فى الزنا او غيره من الكبائر فإن عليه التوبة ولا يلزمه أن يسلم نفسه ، ويعترف بجرمه ليقام عليه الحد ، بل يكفي في ذلك أن يتوب إلى ربه، وأن يستتر بستره عز وجل كما قال النبى صلى الله عليه وسلم :" اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها ، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله ، و ليتب إلى الله ، فإنه من يبد لنا صفحته ، نقم عليه كتاب الله " صححه الألبانى فى صحيح الجامع برقم 149.
والتوبة النصوح لها شروط ،وشروطها هى :
الشرط الأول : الإخلاص لله بتوبته : بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة أو خوفاً من المخلوق أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله تعالى فيها .
الشرط الثانى : أن يندم على ما فعل من الذنب: بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ويراه أمراً كبيراً يستوجب أن يتخلص منه .
الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب: فلا توبة مع الإصرار على الذنب بل التوبة مع الإصرار على الذنب نوعٌ من السخرية ، فيجب الاقلاع عن الذنب وعدم الاصرار عليه ، فإن كان ذنبه ترك واجب قام بفعله وتداركه إن أمكن ، وإن كان ذنبه بفعل محرم أقلع عنه وابتعد عنه ، ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بمخلوقين فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها.
الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل: بأن يكون في قلبه عزم مؤكد أن لا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها ، فإن قال إنه تائب وهو بنيته أنه متى سنحت له فرصة فانه سيفعل هذا الذنب فإنه ليس بتائب ، بل لا بد من أن يعزم على أن لا يعود في المستقبل.
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقت القبول: فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل ، وفوات وقت القبول عام وخاص ،أما العام فإنه طلوع الشمس من مغربها فالتوبة بعده أي بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل لقول الله تعالى :" يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً" ، وأما الخاص فهو حضور الأجل فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى:"وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ"سورة النساء / الاية 18.
فإذا استوفت التوبة هذه الشروط فانها تكون مرجوة القبول وتكون كافية بإذن الله فى سقوط اثم المعاصى .
وعليه نقول للأخ السائل ان عليه المسارعة بالتوبة النصوح من هذه الخطيئة الكبيرة التى ارتكبها ، وذلك بأن يقلع عن الذنب ويندم على ما فعل ويعزم على عدم العودة اليه ابدا ، وعليه أن يبتعد عن الأسباب التى دفعته لفعل هذه المعصية ، وعليه ان يستتر بستر الله ويسترعلى من زنا بها ولا يحدث أحدا بما جرى بينهما وإن كان عنده صور أو تسجيل لما جرى فليبادر إلى التخلص من ذلك.
وننصحه بما يلى :
- الالتجاء إلى الله تعالى والتضرع له وسؤاله صدق التوبة والإنابة إليه.
- المحافظة على اداء ما افترضه الله عليه ، والاكثار من النوافل .
- التقرب إلى الله بالاكثار من الاعمال الصالحه فقد وعد الله التائبين المكثرين من الاعمال الصالحه بالمغفره فقال تعالى : " وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى " طه/82 ، وقال ايضا :" وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " هود /114 و جاء فى صحيح مسلم " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إني عالجت امرأة في أقصى المدينة . وإني أصبت منها ما دون أن أمسها . فأنا هذا . فاقض في ما شئت . فقال له عمر : لقد سترك الله ، لو سترت نفسك . قال فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا . فقام الرجل فانطلق . فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه ، وتلا عليه هذه الآية : " وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " سورةهود / الآية 114 . فقال رجل من القوم : يا نبي الله ! هذا له خاصة ؟ قال " بل للناس كافة "مسلم/ 2763.
- الابتعاد عن كل ما يثير الشهوه من النظر للنساء والخلوه بهن والاستماع إلى الأغاني الماجنة والنظر إلى الصور الخليعة وغير ذلك .
- قطع وسائل الاتصال بكل من يعين على هذه المعصية أو غيرها، وملازمة الصحبة الصالحة التي تأمر بالخير وتحض عليه .
- الابتعاد عن الاماكن والبلاد التى تنتشر بها المعاصى كما جاء في حديث الذي قتل مائة نفس واراد ان يتوب فقال له العالم: " انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء" رواه مسلم .
- تنفيذ نصيحه النبى للشباب "يا معشر الشباب من استطاع الباءه فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء " ، فعليه ان كان عزبا ان يبادر بالزواج ما أمكنه ، ويَحسُن له الزواج بمن زنا بها - اذا لم تكن من محترفات البغاء - ليسترها ، وذلك اذا تاب كلاهما وكانا ملائمين للزواج من بعض .
وفى الختام اليك هذه البشرى العظيمة ، قال تعالى :" وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً "سورة الفرقان / الآيات 68:70 .
-------------
بدايه نسال الله أن يعفك ويطهر قلبك ويحصن فرجك وأن يفرج كربتك وكروب جميع المسلمين، وننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى وصدق التوبة والإنابة إليه والإكثار من أعمال الخير والإحسان إلى خلق الله، فقد وعد الله التائبين المكثرين من الأعمال الصالحة بالفلاح والرحمة، فقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{النور: 31}. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً{التحريم:8}. وقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {الأنعام: 54}.
وإليك بعض التوجيهات لعل الله ينفعك بها ويجعلها عونا لك على الإقلاع عن هذا الذنب العظيم.
1-استشعار خطورة هذا الذنب وما توعد الله به أهله من العذاب في الدنيا والآخرة، واستشعار عظم جزاء أهل العفة، فقد عد الله تعالى حفظ الفروج ضمن صفات المؤمنين التي يستوجبون بها الفلاح ودخول الفردوس والخلود فيها. قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ {المؤمنون:1} ثم ذكر من صفاتهم: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ ثم ذكر جزاءهم فقال: أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {المؤمنون:1-11}.
وقد قرنه تعالى بالشرك وقتل النفس، وتوعد مقارفي تلك الجرائم الشنيعة بالآثام، وقد فسر عكرمة الأثام بأودية في جهنم يعذب فيها الزناة، إلا أنه مع ذلك بشر التائبين بقبول توبتهم وتبديل سيئاتهم حسنات. قال تعالى في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا. {الفرقان: 68-69}.
ومن أعظم مظاهر خطورة الزنى ما ثبت في الأحاديث من نفي كمال الإيمان عن فاعله. ففي الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم. وفي الحديث: إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه. رواه الحاكم والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع.
ويضاف إلى هذا كونه من أسباب العذاب؛ ففي صحيح البخاري -في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم الطويل- قال صلى الله عليه وسلم:...... فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة.. ثم قال له الملكان:... والذي رأيت في الثقب الزناة.
ويضاف إلى هذا تذكر مخاطر الزنى الدنيوية كالإصابة بالإيدز والزهري والسفلس والسيلان والتفكك الأسري والعنوسة وانتشار الأولاد اللقطاء.
2-أكثري سؤال الله أن يعينك على العفة ويطهر قلبك ويحصن فرجك وتوجهي إلى ربك بالدعاء والطاعات بأن يحقق لك مناك وليس ذلك على الله ببعيد، فهو القائل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{غافر: 60} وقال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي {البقرة: 186}
ومن أهم ما يدعى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
والدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له: يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال: قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي -يعني فرجه-. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.
ودعاء الخروج من المنزل الذي أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني، واللفظ لأبي داود: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان.
وقد روى أبو أمامة: أن فتى شابا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنى، فأقبل عليه القوم فزجروه وقالوا: مه مه، فقال: ادنه فدنا منه قريبا فجلس، فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. رواه أ حمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
فضعي يدك على قلبك وادعي بهذا الدعاء
3 -أكثري من ذكر الله دائما فهو الحصن الحصين من الشيطان، ففي الحديث: وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
4-- البعد عن نظر الأجانب والخلوة بهم، وتذكري دائما قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ {النور:30]. وقوله تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {الإسراء:36}.
وفي حديث الصحيحين: إياكم والدخول على النساء. وفي حديث الصحيحين: لا يخلون رجل بامرأة.، وفي مسند أحمد ومستدرك الحاكم: لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما. صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
5-الزواج بمن تستعفين به عن الحرام ولو كان فقيرا أو استدعى الحال أن تكوني ثانية، والأحسن الزواج بمن ذكرته إن لم يكن هناك مانع شرعي أو كان فيه مشقة عليك، وإلا فالرجال سواه كثير، واعلمي أنه لا يشترط في التوبة زواجك به، واحرصي على صرف ذهنك عن هذا الرجل إن لم تتزوجي به، وان قررت تركه فلا يلزمك إخبار غيره بسوابقك، بل عليك أن تستري نفسك ولا تطلعي أحدا على ذنبك، لما في الحديث: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله. أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
ويمكن أن تعرضي نفسك بواسطة أحد محارمك على من ترتضين دينه وخلقه، واعلمي أن عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه، أوفضله أو علمه أو غير ذلك من الأغراض المحمودة جائز شرعا ولا غضاضة فيه. فقد أخرج البخاري من حديث ثابت البناني قال: كنت عند أنس رضي الله عنه وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها واسوأتاه قال: هي خير منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها. وقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على عثمان بن عفان رضي الله عنه حين تأيمت من خنيس ين حذافة السهمي رضي الله عنه. وقد عرض الرجل الصالح إحدى ابنتيه على موسى عليه الصلاة والسلام المشار إليه بقوله تعالى: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ{القصص: 27}
ولا يمنعنك من زواج من ترتضى أخلاقه فقره فان الله تعهد بالعون والغنى للمتزوج طلبا للعفة وامتثالا لأمر الشرع، فقد قال الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور:32}. وقال أبو بكر رضي الله عنه: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور:32}. وقال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ. نقل ابن كثير الأثرين عنهما. وفي الحديث: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه أحمد والترمذي والنسائي وحسنه الألباني.
6- استحضار مراقبة الله دائما، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فاستحي منه أن يراك على معصية.
7- حافظي على الصلوات المفروضة، وأكثري من النوافل، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.
8- أكثري من المطالعة في كتب الترغيب والترهيب، ومن أهمها رياض الصالحين
وننصحك بصحبة الأخوات الصالحات، ففتشي عنهن، واعبدي الله معهن، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية
واعانك الله على فعل الخيرات وترك المنكرات
نسال من الله العلى الكريم لنا ولك الهدايه الى طريق الرشاد
---------------------------------
دعاء التوبة
اللهم يا من لا يصفه نعت الواصفين ويا من لا يجاوزه رجاء الراجين ويا من لا يضيع لديه أجر المحسنين ويا من هو منتهى خوف العابدين ويا من هو غاية خشية المتقين هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب وقادته أزمة الخطايا واستحوذ عليه الشيطان فقصَّر عما أمرت به تفريطا وتعاطى ما نهيت عنه تعزيزا كالجاهل بقدرتك عليه
أو كالمنكر فضل إحسانك إليه حتى إذا انفتح له بصر الهدى وتقشعت عنه سحائب العمى أحصى ما ظلم به نفسه وفكر فيما خالف ربه فرأى كثير عصيانه كثيرا وجليل مخالفته جليلا فأقبل نحوك مؤملاً لك مستحيياً منك ووجّه رغبته إليك ثقةً بك فأمَّك بطمعه يقينا وقصدك بخوفه إخلاصا قد خلا طمعه من كل مطموع فيه غيرك وأفرخ روعه من كل محذور منه سواك فمثَّل بين يديك متضرعا وغمَّض بصره إلى الأرض متخشعا وطأطأ رأسه لعزتك متذللا وأبثَّك من سره ما أنت أعلم به منه خضوعا وعدَّد من ذنوبه ما أنت أحصى لها خشوعا واستغاث بك من عظيم ما وقع به في علمك وقبيح ما فضحه في حكمك من ذنوب أدبرت لذاتها فذهبت وأقامت تبعاتها فلزمت لا ينكر يا إلهي عدلك إن عاقبته ولا يستعظم عفوك إن عفوت عنه ورحمته لأنك الرب الكريم الذي لا يتعاظمه غفران الذنب العظيم
اللهم فها أنا ذا قد جئتك مطيعاً لأمرك فيما أمرت به من الدعاء متنجزاً وعدك فيما وعدت به من الإجابة إذ تقول ادعوني أستجب لكم
اللهم فصل على محمد وآله والقني بمغفرتك كما لقيتك بإقراري وارفعني عن مصارع الذنوب كما وضعت لك نفسي واسترني بسترك كما تأنيتني عن الانتقام مني
اللهم وثبِّت في طاعتك نيتي وأحكم في عبادتك بصيرتي ووفقني من الأعمال لما تغسل به دنس الخطايا عني وتوفني على ملتك وملة نبيك محمد عليه السلام إذا توفيتني
اللهم إني أتوب إليك في مقامي هذا من كبائر ذنوبي وصغائرها وبواطن سيئاتي وظواهرها وسوالف زلاّتي وحوادثها توبة من لا يحدِّث نفسه بمعصية ولا يضمر أن يعود في خطيئة وقد قلت
يا إلهي في محكم كتابك إنك تقبل التوبة عن عبادك وتعفو عن السيئات وتحب التوابين فاقبل توبتي كما وعدت واعف عن سيئاتي كما ضمنت وأوجب لي محبتك كما شرطت ولك يا رب شرطي ألا أعود في مكروهك وضماني ألا أرجع في مذمومك وعهدي أن أهجر جميع معاصيك
اللهم إنك أعلم بما عملت فاغفر لي ما علمت واصرفني بقدرتك إلى ما أحببت
اللهم وعليَّ تبعاتٌِ قد حفظتهن وتبعاتٌ قد نسيتهن وكلهن بعينك التي لا تنام وعلمك الذي لا ينسى فعوِّض منها أهلها واحطط عني وزرها وخفف عني ثقلها واعصمني من أن أقارف مثلها
اللهم وإنه لا وفاء لي بالتوبة إلا بعصمتك ولا استمساك بي عن الخطايا إلا عن قوتك فقوني بقوةٍ كافية وتولني بعصمة مانعة
اللهم أيما عبدٍ تاب إليك وهو في علم الغيب عندك فاسخٌ لتوبته وعائدٌ في ذنبه وخطيئته فإني أعوذ بك أن أكون كذلك فاجعل توبتي هذه توبةً لا أحتاج بعدها إلى توبة توبةً موجبةً لمحو ما سلف والسلامة فيما بقي
اللهم إني أعتذر إليك من جهلي وأستوهبك سوء فعلي فاضممني إلى كنف رحمتك تطوّلا واسترني بستر عافيتك تفضلا
اللهم وإني أتوب إليك من كل ما خالف إرادتك أو زال عن محبتك من خطرات قلبي ولحظات عيني وحكايات لساني توبةً تسلم بها كل جارحةٍ على حيالها من تبعاتك وتأمن مما يخاف المعتدون من أليم سطواتك
اللهم فارحم وحدتي بين يديك ووجيب قلبي من خشيتك واضطراب أركاني من هيبتك فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك فإن سكت لم ينطق عني أحد وإن شفعت فلت بأهل الشفاعة
اللهم صل على محمد وآله وشفِّع في خطاياي كرمك وعد على سيئاتي بعفوك ولا تجزني جزائي من عقوبتك وابسط عليَّ طولك وجللني بسترك وافعل بي فعل عزيزٍ تضرع إليه عبدٌ ذليلٌ فرحمه أو غنيٍّ تعرض له عبدٌ فقير فنعشه
اللهم لا خفير لي منك فليخفرني عزُّك ولا شفيع لي إليك فليشفع لي فضلك وقد أوجلتني خطاياي فليؤمنّي عفوك فما كل ما نطقت به عن جهلٍ مني بسوء أثري ولا نسيان لما سبق من ذميم فعلي ولكن لتسمع سماؤك ومن فيها وأرضك ومن عليها ما أظهرت لك من الندم ولجأت إليك فيه من التوبة فلعلَّ بعضهم برحمتك يرحمني لسوء موقفي أو تدركه الرِّقَّة عليَّ لسوء حالي فينالني منه بدعوةٍ هي أسمع لديك من دعائي أو شفاعةٍ أوكد عندك من شفاعتي تكون بها نجاتي من غضبك وفوزتي برضاك
اللهم إن يكن الندم توبةً إليك فأنا أندم النادمين وإن يكن الترك لمعصيتك إنابةً فأنا أول المنيبين وإن يكن الاستغفار حطةً للذنوب فإني لك من المستغفرين
اللهم فكما أمرت بالتوبة وضمنت بالقبول وحثثت على الدعاء ووعدت الإجابة فصل على محمد وآله واقبل توبتي ولا ترجعني مرجع الخيبة من رحمتك إنك أنت التواب على المذنبين والرحيم للخاطئين المنيبين
----------------------
هل للزانية من توبة |
المستشار محمد شندي الراوي |
السؤال: صديقتي ... عرفتها دائمة الحزن بل يكاد الحزن أن يقتلها بقيت ورائها ومعها حتى اكتشفت سر حزنها ... فقد ارتاحت لي واعترفت بمكنون نفسها فقالت انا زانيه بل اقترفت الزنى أكثر من مره ولكني أريد بشدة أن أتوب وكلما أردت التوبه يقال لي أن ليس للزانيه توبه وأن الله لا يقبل توبتها مهما فعلت ومهما ندمت وبكت وتوسلت. لذا أقدمت على محاولة الانتحار وإنهاء حياتها أكثر من مره ولكني دوما اخفف عنها فانا اشعر بمدى صدقها وأشعر أن بداخلها ايماناً . اشعر بنقاء قلبها واريد مساعدتها هل حقا لا توبة للزانيه وهل إذا تاب الله عليها سيحاسبها يوم الدين على ما فعلت قبل توبتها وهل عند دفنها سيفتضح أمرها هل عليها أن تعلم أحدا ليقام عليها الحد وهل ستر الله عليها يعني محبته لها أم كرهه لها ماذا عليها ان تفعل هي دائمة التفكير في الموت فهي تقول ان مثلها ليس لها حياة؟ ما حكم الدين في كل محاولات الزنى السابقه بعد توبتها هل تحول سيئتها الى حسنات؟ هل رحمة الله كبيره لتصغر أمامها فعلة الزنى التي تعد من الكبائر ؟ أرجو الإسراع في الرد فهي دوما تحاول الموت قد يكون في إجابتكم أمل لها لتبدأ من جديد حياه كريمه نظيفه عفيفه. أرجو الرد السريع فحياتها متوقفه على سرعة ردكم جزاكم الله كل خير الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: الأخت السائلة نشكرك لثقتك بنا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون سببا في هداية صديقتك واستقرار حياتها. إن ما يتردد في نفس صديقتك أن لا أمل في التوبة وأن الله لن يغفر الله وأن الله سيفضحها كل هذا من مداخل الشيطان لأجل أن يقنطها من رحمة الله فتهلك ، فحذار حذار من التفكير في ذلك، والاسترسال مع الشيطان فيه . اعلمي أختاه أن رحمة الله عز وجل وسعت كل شيء ، وإحسانه على خلقه كبير ، ومن ذلك أنه سبحانه فتح الباب للتائبين ، وقبل ندم النادمين ، ولم يقنطهم من رحمته. واسمعي لهذا الحديث فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح –سبحان الله ... متفق عليه وقد ثبت في الحديث الصحيح أان رجلا قتل مائة رجل ولم يعمل خيراً قط لكنه ندم وتاب فقبل الله توبته ، فالمؤمن لا يقطع الأمل من الله واسمعي لربك وهو يخاطبك يقول الله عز وجل : (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) لتوبة الصادقة المشتملة على شروطها ، من الإقلاع عن هذه الجريمة إقلاعاً تاماً ، والندم على ما فات ، والعزم على عدم العودة إليها مطلقا . ومن فعل ذلك فقد تاب إلى الله تعالى ، ومن تاب تاب الله عليه ، وقبله ، وبدل سيئاته حسنات . كما قال سبحانه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة104 وقال سبحانه وتعالى: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا ، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَل : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ) وَنَزَلَتْ : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) متفق عليه. فمن وقع في الزنا فليبادر بالتوبة إلى تعالى ، وليستتر بستره ، فلا يفضح نفسه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل ) رواه البيهقي . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) صحيح مسلم. افرحي أختي أن لك رباً غفوراً رحيماً حليماً , يقبل توبة العبد بعد الإسراف في المعاصي , فيتوب عليه ولا يبالي , بل ويبدل سيئاته حسنات... أليس هو الذي نادى عباده قائلاقُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) وقال العفو الغفور في الحديث القدسي: ( يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم وقال تعالى في سورة الشورى: )وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (الشورى:25) وقال أيضا: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:110) ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي : ( يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) فلا يخيب من أمل في الله ، ولا يطرد من لزم باب الله فلزمي بابه . واسمعي لهذه القصة الحقيقية ... عن بعض العلماء العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي , وأمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا , فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه , ولا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا . فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام , وخرجت أمه , فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه , والتزمته تقبله وتبكي ... وتقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟ ومن يؤويك سواي ؟ ألم أقل لك لا تخالفني , ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك . وارادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت. فتأمل قول الأم : لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة . وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم \" الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها \" وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟ فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك الرحمة عنه , فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو أهله وأولى به . فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها . حين تقع في المعصية وتلم بها فبادر بالتوبة وسارع إليها , وإياك والتسويف والتأجيل فالأعمار بيد الله عز وجل , وما يدريك لو دعيت للرحيل وودعت الدنيا وقدمتِ على مولاكِ مذنبة عاصية فإذا تكرر الذنب من العبد فليكرر التوبة , وقد ثبت أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : أحدنا يذنب , قال يكتب عليه , قال ثم يستغفر منه ويتوب ,قال : يغفر له ويتاب عليه , قال : يكتب عليه , قال :ثم يستغفر ويتوب منه ,قال : يغفر له ويتاب عليه . قال فيعود فيذنب . قال :"يكتب عليه ولا يمل الله حتى تملوا " وقيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار . ويعد العلماء تأخير التوبة ذنبا آخر ينبغي أن يتوب منه فبادي اختي بالتوبة قبل أن يوافيك الأجل كيف تتخلصين من الزنا والتفكير فيه: وعليك أختي ترك هذه المعصية وترك محاولة الانتحار فالانتحار أعظم من الزنا فعليك بالإبتعاد عن الأسباب التي تدفعك لهذا الفعل القبيح . فإن كان من أسبابها الرفقة فقاطعيهم ، وإن كانت مجالس أو وحدة وفراغ فحاولي القضاء على أسبابها أيا كانت و املئي فراغك بالنوافل من تلاوة قرآن أو صلاة أو غيرها ، وداومي عليها ولو كانت يسيرة فإن الحسنة تطرد السيئة ، والطاعة تبعد المعصية . صاحبي الصالحات من أخواتك وأقاربك ، واجتمعي معهم في الخير والذكر ، فقد قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ ..كَحَامِلِ الْمِسْكِ .. إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً..) فأنت الرابحة على كل حال . - اجعلي المنزل خالياً مما يغضب الله عز وجل ، فطهريه من المعاصي حتى لا تذكرك بما تقارفين . - اقتني الأشرطة الإسلامية وخاصة الرقائق منها ، فهي ترقق القلوب وتزيد الإيمان وتكسب الخوف والخشية . - إذا كنت تستخدمين الإنترنت فشاركي معنا في طريق الجنة بتعليقاتك ومشاركاتك. - ضعي لنفسك برنامجاً لقراءة الكتب النافعة. الزمي نفسك بقدر من قراءة القرآن أعمال البر والخير، فمتى ما امتلأ برنامجك اليومي بالصالح من الأعمال لم تجد نفسك وقتاً لأن تحدثك بالمعاصي. أوصي نفسي وإياك بالتوبة النصوح وكثرة الاستغفار والدعاء ونسال الله ان يثبتك على طريق الجنة وأن يغفر لنا ولك وللمسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم المصدر : موقع طريق الجنة |
===========
[ قراءة: 41897 | طباعة: 186 | إرسال لصديق: 0 ]
السؤال
أريد أن أعرف ما هي كفارة الزنا؟ أرجو أن تساعدني، لأنني لا أعرف كيف أتصرف؟ فأنا في حالة صعبة جدا من الندم والخجل، وأنا مستعدة لفعل أي شيء يخلصني من هذه المصيبة، وأفكر بأن أذهب للعمرة، فهل تشجعني على هذا؟ وحين اقترافي للزنا لم أكن أقدر على الإمساك بنفسي.
أرجوكم ثم أرجوكم وأستحلفكم بالله أن تساعدوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزنا كبيرة من أكبر كبائر الذنوب، وفاحشة من أبشع الفواحش، حرمه الله عز وجل ونهى عنه في محكم كتابه، فقال سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-70}.
وقال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً{الإسراء:32}.
ونهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي في الزجر عنه أن عقوبته الدنيوية قد تصل إلى قتل النفس فيرجم الزاني المحصن حتى الموت، لكن الله بفضله وسعة مغفرته ورحمته فتح باب التوبة للعصاة من خلقه ودعاهم إليها، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن من تاب قبل غلق باب التوبة تاب الله عليه، فقال ـ كما في صحيح مسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
فأي ذنب ارتكبه العبد ـ ولو كان الشرك بالله الذي هو أعظم الذنوب وأخطرها ـ فإنه إذا تاب منه توبة نصوحا، فإن الله تعالى ـ تفضلا منه وتكرما ـ يتقبل منه توبته ويغفر له ما ارتكب من المعاصي، وقد بينا شروط التوبة الصادقة في الفتوى رقم: 5450.
وأما قولك أنك لم تقدري على منع نفسك من الوقوع في هذه الفاحشة، فهذا ليس بعذر ـ على الإطلاق ـ لأن وصول الإنسان إلى هذه الحالة التي لا يقدر فيها على ضبط نفسه تسبقها مراحل كثيرة يفرط الإنسان فيها في حدود الله وينتهك فيها حرماته ـ من تساهل في الخلوة والنظر والتبرج والأحاديث واللقاءات المحرمة ـ حتى يجد نفسه قد سقط ـ والعياذ بالله ـ في مستنقع هذه الفواحش والمنكرات، جاء في الفروع لابن مفلح: من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولا، لم ينج منه آخرا وإن كان جاهدا. انتهى.
فتوبي إلى الله سبحانه وأكثري من الاستغفار والأعمال الصالحة المكفرة ـ من صلاة وصيام وعمرة وصدقة ـ فإن الله يكفر بها السيئات ويمحو بها الخطيئات، قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ{هود:114}.
وفي صحيح الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقة السر تطفئ غضب الرب. ويقول ـ أيضا ـ في شأن العمرة: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. متفق عليه.
واعلمي أن من تمام التوبة أن تبتعدي عن أسباب الوقوع في هذا الفاحشة وتسدي الذرائع الموصلة إليها ـ من نظرة أو خلوة أو تبرج أو حديث مع الرجال الأجانب ـ فكل هذا حرام، وهو من الطرق الموصلة لهذا الفاحشة القبيحة كما بيناه.
واعلمي أن الصلاة والذكر حصن حصين من الوقوع في حرمات الله، قال سبحانه: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ{العنكبوت:45}.
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث: أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره، وصححهالألباني.
والله أعلم.
-------------------------------
السؤال:أرجو أن ترشدني إلى الصواب، حاولت ممارسة الزنا مع امرأة أجنبيه في شهر رمضان وما أذكره أني كنت صائماً ذات يوم، وأغرتني الملعونة، فأفطرت 3 أيام من شهر رمضان، ولكني لا أذكر: هل مارست الزنا أم لا؟ والله، أحاول أن أتذكر، ولكن لا أذكر، ولكن أذكر بعد رمضان أني وقعت في الفاحشة.
والسؤال: لقد ندمت على ما فعلت، ومنذ 6 سنين حتى اليوم أصلي ، كي يسامحني الله، ماذا عليَّ أن افعل، كي أكفر عن ذنبي؟ أرشدني -يا أخي- ماذا عليَّ أن أفعل قبل أن أقابل ربي؟ أريد أن أُكَفِّر عن ذنبي.
الإجابة:الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمدُ لله الذي منَّ عليك بالتوبة، ووفقك لها، فهي نعمة من أعظم النعم، ونسأل الله لك الثبات.
أما ما أقدمت عليه من فعل تلك الفاحشة، فهو ذنب عظيم، وخطيئة كبيرة من أقبح الذنوب وأعظمها، وقد حذَّرَنا الله تعالى في كتابه المحكم من الاقتراب منها، فقال سبحانه: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32]، قال ابن كثير: "يقول الله تعالى ناهياً عباده عن الزنا، وعن مقاربته، ومخالطة أسبابه ودواعيه". وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعد".
ومع كل هذا، فإن من سعة رحمة الله بعباده أنه وعد التائبين بقبول توبتهم، مهما بلغت ذنوبهم، فقال سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان:67-70]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور31].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل، ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار، ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" (رواه مسلم من حديث أبي موسى).
وأخرج الترمذي وغيره عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: "يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي".
فالواجب على من ابتُلي بإثم كهذا المسارعةُ بالتوبة النصوح، والاستغفار، والندم على التفريط. هذا، ومن لوازم التوبة: الإقلاع عن الذنب، والابتعاد عن أسبابه، وكلِّ ما يؤدي إليه، والعزمُ على عدم العود إليه، والندمُ على ما فات، فإن كانت توبتك على هذا النحو، فأبشر بفضل الله تعالى ،مادامت توبتُك قبل أن تغرغر- أي: قبل أن تبلغ الروح الحلقوم - ويستحب أن تصلي ركعتي التوبة، وأَكْثِرْ من العمل الصالح، ومخالطة أهل الخير، ومجانبة أهل الشر، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود: 114-115].
وقد ذكر أهل العلم أمارات تدل على صدق توبة العبد :
منها: أن العبد التائب يجد حرقة في قلبه على ما فرط منه في جنب الله. ومنها: أنه ينظر لنفسه بعين التقصير في حق الله الجليل، فيكون أشد تجافياً عن الذنب وعن أسبابه.
ومنها: أنه يميل إلى الإقبال على ربه ومولاه، فيصاحب أهل الفضل والخير، ويقاطع أصدقاء السوء، وينظر إلى توفيق الله له بالتوبة، فيفرح بها، ويحافظ عليها، ويخاف زوالها، ويخشى عقوبة نكثها.
وهذا إذا كانت التوبة لا تعلُّق لها بحق بني آدم، أما إن كان لها تعلق بحقوق الآخرين من عرض أو مال، فلا بُدَّ من التحلل منهم مع الشروط السابقة.
واعلم -عافاك الله ووقاك-: أن مما يحفظ المؤمن من الوقوع في الحرام: أن يسد على الشيطان مجاريه،ويقطع عليه حبائله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور:21]، فعليك بغض البصر، فإن البصر بريد الزنا، وعدم الخلوة بالنساء، فما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
واعلم: أنه يجب عليك صيام تلك الأيام الثلاثة التي أفطرتها إن لم يغلب على ظنك أنه حصل فيها جماع, ولا كفارة عليك، إلا إذا غلب ظنك حصول الجماع فيه، واحرص على الإكثار من الاستغفار، والندم على ماحصل منك، والعزم على عدم العودة إليه، فإن انتهاك حرمة شهر رمضان ليس بالأمر الهيِّن، نسأل الله لنا ولك الثبات على دينه،، والله أعلم.