السلام عليكم و رحمة الله ...
يقول الشاعر المصري الراحل العظيم "احمد شوقي" ....
و للحريةِ الحمراءُ بابُ **** بكل يد مدرجة يُدَقُ
"شوقي" يقصد بالحرية هنا ... هي حرية الانعتاق من الاحتلال الفرنسي .... و لنيل هذه الحرية فالدماء تسيل انهارا و الشهداء تزداد قوائمهم يوما بعض يوم ....
بعد سنوات من التحرير .... كلٌ في بلده .... وقعنا في احتلال جديد
احتلال شرس و قوي .... و ليس له باب احمر و لا أخضر ...
لقد وقعنا اسري لاحتلال الافكار ..... و العُقد
بعيدا عن هذه المقدمه الفلسفيه ..... سأحكي لكم حالي مع زملائي في العمل ... و هو حال معظم "الموظفين في الارض" .....
يأتينا مدير جديد ... يبدأ بتسطير القوانين و القواعد و "الرولز" ... و تستطير معها جبهاتنا و شفاهنا تبرما من هذا المدير و قوانينه .... ثم يبدأ فريق المعارضه - لأي مدير- عمله علي الفور
و اثناء جلساتنا و عملنا لا ينفك فريق المعارضه من التنديد بالمدير .... و قوانينه .... و المطالبه بالثورة علي قوانينه و اجباره - تحت ضغوط معارضتنا لأوامره - ان يعدل قوانينه و يستجيب لمطالبنا في مساحات من الحرية
و نظل اسري لمشاعر الاحساس بالاختناق و العبوديه و انعدام الحريه .... حتي يمضي المدير بعد انتهاء فترة ادارته .... و يأتي مدير آخر له اسلوبه الخاص في القياده و الذي من الممكن جدا ان تكون مختلفه و عكس ما كان عنه المدير السابق .... لكن فريق المعارضه هو هو ... يظل علي حاله .... معترضا دائما .... و نكتشف نحن عامة شعب الموظفين ان المدير السابق كان احسن حالا من الذي أتي !!!!! و ان مساحات من الحرية لم نكن نلحظها قد اختفت
تدور الايام دورتها ... و يتولي احد الزملاء من قادة المعارضه ... منصبا مشابها تماما لمديرنا.... ذهبت اليه اهنئه بمنصبه الجديد فاذا به يمارس القياده بنفس اسلوب مدراءنا السابقين ...
نظرت اليه و ضحكت ... متساءلا طبعا عن استخدامه لنفس الاسلوب الذي كان يعترض عليه .... فما كان منه ان وضح ان نظرة الغير مسئول تختلف تماما عن نظرة المسئول .... و ان مساحات الحرية التي تُمنح لفئة ما ,,,, تفسر علي انها ضعف و تخاذل و لا يقابلها تحمل للسئوليه بنفس المستوي ....
اكتب هذا الموضوع كنتيجة علميه افرزتها ابحاث رئيس تاميكوم هنا حول الحرية .... و مفهومها الذي في عقلي و عقلك يا من تقرأ الآن
دائما نحن ننادي بالحرية ... و نصرخ اننا نبحث الحرية ..... و ان الحريات مخنوقه ... و ان انفاسنا تلاشت ..... و ان الزفير اصبح شهيقا و العكس بالعكس
طيب .... اذا تم منحك - اخي الحالم بالحرية - مساحة ما من الحرية ..... ماذا هو الحال ايها الاسير
نتائج ابحاثي المتواضعه في مملكة تاميكوم تقول الآتي :
1- لقد تعودنا ان لا نري اية مساحات للحريه جديده و نصنفها علي انها مساحات جديده من التحكم
2- نظرا لأننا لم نتدرب علي الحرية فلا نعلم ما هي الحرية المسئوله و ما هي الحرية الهمجيه
3- عقولنا تحمل عقدة المدير - المسؤول - الرئيس - الاداري
نتحدث بتفصيل اكثر .... آملا ان تقرأوا ثم تفكروا ثم تحاولوا ان تغيروا من واقع حياتكم
عد الي الوراء و انت طفل .... تذكر مساحات "العبوديه" التي كان يفرضها عليك ابوك و امك .... لا تخرج ... لا تدخل ... لا تهبط ... لا تلمس ... لا لا لا لا .... الي آخر اللاءات المعروفه
طيب تخيل ان اباك او امك منح الحرية لك و انت طفل في الرابعه من عمرك و تركاك وحدك في المنزل ثم نصحاك بأن لا تفتح الثلاجه ..... قل لي هل ستلتزم ؟
بالطبع لا .... فحتما سيكتشف الابوين حين عدوتهما انغماس رأسك في ادراج الثلاجه بحثا عن غنائم ضاربا بعرض الحائط تعليمات "سياديه" من الابوين المسكينين
من هنا المخطئ .... الحرية نفسها ؟ .... ام الذي حصل علي الحرية دون اعداد ؟... ام الذي منح الحرية لغير المؤهل ؟
طيب ...
تذكر ايضا تقدمك في السن رويدا رويدا ... و تذكر معها كيف ذابت تلك القيود الابويه رويدا رويدا
لماذا ذابت تلك القيود ؟
طبعا الاجابه لا تحتاج الي حاملي بكالريوس هندسه و طب للاجابه ..... لأن الاجابه تقول : ان حضرتك اصبحت كبيرا و مسؤول و تستطيع ان تقيم مساحاة الحرية التي اعطيت لك لهذا منحك ابويك سقفا من الحرية ..
في حياتنا العاديه لا زلنا اطفال نحلم بالحريه ..... و لا زلنا نحمل عقدة من يقودنا .... و اننا عبيد
و اذا حصلنا علي الحريه .... لا نكون ملتزمين و لا مسئولين .... و نغمس رؤوسنا في ادراج الثلاجه كالاطفال ...
الحرية يا ساده لمن لا يعرفها هي الالتزام بالقانون .... و هذا القانون اما ان يكون قانون الاهي ... او قانون وضعي .... و اذا لم يتعارض القانون الآلاهي مع القانون الوضعي ... يصبح القانون الوضعي نافذا من ولي الامر و مدير المكان و صاحب القرار
عندما نفتش في التاريخ ... و اعني تاريخ الدول الديمقراطيه التي يصل رؤاسؤها الي مناصبهم بانتخابات .... نكتشف ان المرشح اثناء الانتخابات يقدم وعودا ضخمه و عريضه الي شعبه و هو صادق في نواياه .... و عندما يصل الي المنصب و تعرض عليه الحقائق و الوثائق ... و يدرك انه مسئول حقيقي و ليس مسئول عاطفي ... يتراجع عن وعوده و يمضي قدما في خطط موضوعه سلفا من سابقيه ....
يثور الشعب و يتهم الرئيس بالضحك عليهم لنيل اصواتهم .... فيخرج الرئيس موضحا لهم ان مصلحة الوطن تقتضي ما اتخذه من قرارات و بالمناسبه حدث هذا في اسباانيا عندما وصل رئيس وزراء اسباني لمنصبه بعد ان وعد شعبه بالانفصال عن حلف الناتو .... و عنما وصل الي منصبه وقع بنفسه وثيقه الانضمام الي الحزب
حدث هذا ايضا مع رئيس امريكي وعد شعبه بعدم الانسحاب من فيتنام ... و عندما تولي امر جيشه بالانسحاب
انها المصلحة العليا .... و الرؤيه الاكثر وضوحا للمسئول
فالقياده ليست عاطفيه .... و الاداره مسؤوليه ..... و كلما زاد المنصب .... زادت الرؤيه
بالنسبه الينا كمواطنين في اوطاننا .... و في حياتنا ... يجب ان نعلم ان الالتزام بالقانون هو اعلي درجات الحريه .... و اننا في الاساس نعاني من عدم انضباط ذاتي و لا نحافظ علي اية مكتسبات نحصل عليها ...
تخيل معي ان مديرك قال لك .... تعال الي عملك يوميا دون ان توقع في دفتر الحضور و الانصراف !!
كم موظف سيحضر في موعده ... و كم موظف سيتأخر .... و كم موظف لن يأتي في الاساس ؟
ثم ماذا سيكون رد فعل المدير بعد ان اعطي الحرية لموظفيه ؟؟
سيقتلهم
:)
اتمني من القارئ ... ان يحاول ان يدرس كلمات هذا الموضوع بهدوء ... و ان يجتهد من ينوي ان يعلق ان يضع لنا تعريفا للحرية من وجهة نظره هو ... دون الاشاره لأية دول او اسماء قياديه في حياتنا فهذا قانون من قوانين مملكة تاميكوم و التزامك بالقانون منتهي الحريه
تحياتي
:)