السلام عليكم و رحمة الله
في ظل الزخم الرهيب الذي يدفع معظم اطياف الشعب المصري الي الحديث عن الثوره و محاسبة الفاسدين و النظام السياسي المرتقب ... و من سيكون رئيسا للجمهوريه ؟ .... و هل سيتم وضع الدستور اولا ... ثم الانتخابات التشريعيه ... ثم الرئيس .... ام ان سيختلف الترتيب في ظل الاولويات لصاحب القرار .... ؟
في ظل كل هذا .... و ذاك ..... من اخبار و مناقشات ...
ركبت تاكسي ..... في مدينة طنطا .... عاصمة محافظة الغربيه ..... و اثناء سير التاكسي ..... فوجئنا بان الطريق متوقف و تكاد السيارات تسير ببطئ شديد .... و عندما وصلنا لسبب اختناق الطريق .... وجدنا ان سيارة "ميكروباص" متوقفه في نصف الطريق .... و كان واضحا انها معطله .... الا ان المفاجأه السعيده المبهجه .... ان "الميكروباص" لم يكن معطلا و لا يحزنون .... و انما هم متوقف في نصف الطريق "لتحميل الركاب" .... بكل بساطه
لم اصدق عيني .... و لاحظ سائق التاكسي دهشتي ..... فأردف قائلا بأنه لا يمكن لأحد ان يتجرأ و يناقش صاحب "الميكروباص" بان يقوم بالوقوف علي جانب الطريق بدلا من نهره ....
بعض لحظات - و في منتصف شارع البحر - و الذي لا يوجد فيه بحر (و يسأل عن ذلك اهل طنطا الكرام :) ) ..... توقفت امامنا سياره في منتصف الطريق ..... لماذا ؟ ..... لأن صاحبها يريد ان يتحدث مع صاحب متجر علي الطريق ... فلم يكلف سائق السياره نفسه بان يقف علي جانب الطريق ليتحدث مع صاحب المتجر .... و انما فضل ان يقف في نصف الطريق متحدثا مع صديقه لمدة تربو عن الخمس دقائق .... موقفا الطريق خلفه ... و مصالح الناس
هنا انفجر سائق التاكسي الذي ارتاده .... قائلا : هذه هي الحرية التي يريدونها .... هل هذه هي الثوره .... ؟ .... بئس هذه الثوره !!
طبعا .... هذه الهمجيه التي يعيش بها المواطن العادي حاليا - و ليس "البلطجي" - في ظل غياب دور القانون .... انما تدل علي ان الثوره .... عمليا ..... لم تصل الي الشارع .... بل اكاد اجزم ان الشارع لا يعرف معني الثوره .... و لا مؤهل اصلا لتبني افكارها النظريه و التي ستظل نظريه الي امد بعيد ...... علي ما يبدو
لننظر الآن الي سلوكنا جميعا ... سنجد انفسنا ....نجيد التحدث جيدا في مفردات الثوره .... نجيد التظاهر بقوه و احتراف .... نجيد تحليل الاحداث .... و كأن كل منا يصلح ان يكون رئيس وزراء بلد ضخم كمصر ...... و لكن سلوكنا ..... لا يمت الي اي روح ثوريه ..... او"بتنجانية"
لذا ..... و طبقا لقناعاتي الشخصيه ..... فان ما يسمي بالانضباط الذاتي .... او الموروث الحضاري .... لا يؤثر بالشكل الكبير و الواضح للعيان .... في سلوك الامم و الشعوب ......عند غياب مطرقة القانون ....
فاعتي دول العالم حضاره و انفتاح و موروث ثقافي .... كفرنسا مثلا .... يمكن ان تصبح غابه في لحظات لو غابت مطرقة القانون القويه .... من سماء باريس ....
لذا .... فما لاحظته من خلال رحلة "تاكسي طنطا" و ما يشبه ذلك في معظم مدن المحروسه (القاهره - الاسكندريه - المنصوره - السويس - .... الخ ) .... لم يحزنني حقيقة ....
و الذي يحزنني .... هو استمرار غياب مطرقة غياب القانون .... القويه و الثقيلة ..... و المحترفه علي الطراز الفرنسي .... و التي تعرف اين تنزل .... و كيف تدق ....