بسم الله الرحمن الرحيم
الهاتف يرن......
الو ....
- السلام عليكم .... انا سلوي مراتك
- اهلا يا سلوي .... خير
- ممكن يا حسام بسرعه تجيب البنت من الحضانه عشان هتأخر في الشغل
- اوك و خدي بالك من نفسك
حسام يبدأ في اجراءات اعداد سيارته الروسية للانطلاق ..... و في اثناء استمتاعه بصوت محرك هذا النوع من السيارات و هو يزأر عند سحب "شفاط الهواء" ..... مر سريعا علي مخيلته لقطات من اعتراض ابنته الكبري علي هذه السياره ..... و تذمر زوجته احيانا منها لكونها غير عصرية
فلاش باك ....
- بابا ..... لو سمحت لما تيجي تاخدني من الحضانة ... اركن عربيتك بعيد
- ليه يا بنتي ؟!!!!!
- كل زمايلي "باباتهم" عندهم عربيات حلوه الا بتعاتني عامله زي الصندوق ...
- يا حبيبتي الحمد لله .... في غيرنا ما عندوش رجلين اصلا يمشي عليها .... و .... (و تتوقف الكلمات لان الصغيرة لم تستوعب تلك المعاني الكبيره )
- حسام ... ما تحاول تغيرلنا العربية دي بقي ..... بحس اني راكبه جرار زراعي
- يا حياتي يا زوجتي .... دي عربية روسي محترمه ... قطع غيارها متوفره و رخيصه ... و متينة جدا .... و اعطالها معروفه لاي ميكانيكي مبتدئ .... و قويه بتسافر لمسافات طويله ...و وو...
- حساااااام .... معلش غيرها ..... نفسي اركب حاجه فيها تكييف و سنتر لوك و باور و جي بي اس و دي في دي و شاشة فيديو او علي الاقل شكلها نيو لوك حبتين ....
- حاضر هكلم الروس يعملوا التغييرات دي حالا ..
- حساااااااااااااااااااااااااااام ...
- ما انتي عارفه .... تغيير السياره محتاج خطط طريق خمسيه و سداسيه ...
- معلش حاول عشان خاطري ....
- ان شاء الله هحاول ...
و انتهت المحادثة التي تتكرر دوريا بمعدل ثلاث شهور
هاه مؤشر الحراره اشار ان السياره مستعده لاجتياح الطريق ...... تحرك حسام متجها الي الحضانة ... و نفذ وصية صغيرته التي لم تكمل الرابعه و تعترض علي سيارته الروسيه .... فقام بركن السياره بعيدا ... و توجه الي باب الحضانة متلقفا صغيرته ....
- بابا ... احنا رايحين فين
-رايحين البيت ... طبعا
- بابا انا مش عاوزه اروح ....و .... وصلة بكاء روتينية
- بنت ... مش عاوز عياط ..... عاوزه تروحي فين دلوقتي ؟
- اي حته ....
- فين يعني ؟
- نمشي علي البحر
- فكره كويسه ... يلا نركب العربية و نلف حبتين
- لا يا بابا ... مش باللادا
- و ما لها اللادا .... مش عربية زي بقية العربيات ؟
- ماما بتقول عليها وحشه؟
- آه .... انا متجوز امك بيها ... و كانت طايره من الفرح و انا جاي اخطبها بالعربية دي
- بابا ... طب هنروح فين ؟
- تعالي نتمشي علي البحر ...
انطلق حسام بالسياره علي كورنيش البحر ... بينما الصغيرة تستند بركبتيها علي الكرسي المجاور لمقعد السياره ملصقة وجهها في الزجاج تتأمل البحر ...
و في هذه الاثناء كان حسام يحاول التركيز في الطريق ... و متابعة الصغيرة فلا تقم بفتح الزجاج او يفتح بابها فجأه ....
و حدث ما توقعتموه ............ منحني خطر ....... حسام يتابع صغيرته ......... لم ينتبه الي المنحني .... السرعه زائده ...... العجلات ترتطب برصيف العريض بقوه ......... حسام يفقد السيطره .... السياره تنقلب بشده .... حساب يترك عجلة القيادة ..... و يرتمي علي صغيرته ...... ليضعها بين الكرسي و جسمه صانعا درعا بشريا لحمايتها ...
........
- ربنا يستر عليه ...
- ما اعتقدش ... الدكتور قال هايموت
ارتطمت العباره باذن ذلك المسجي علي سرير عربة الاسعاف التي تجري بصوتها المزعج الي اقرب مستشفي .....
لحظات نادره ... لحظات قاتله .... لحظات دقيقه .... لم يستطع حسام فتح عينيه .... و لكنه استوعب جيدا حوار رجلي الاسعاف ....
ادرك انها النهاية .... و ان الوقت المتبقي ربما يكون اقل القليل .... و يقابل جبار السماوات و الارض ....
لم يثق في كونه مسيطرا علي حواسه ..... لكن ثقته كانت كبيره بذلك الطبيب الذي اقر انه سيموت ...
قفزت الي ذهنه ابنته اين هي .... ؟ ......... حاله من الهلع سيطرت عليه ... فتح عينيه ... حرك يديه ...
صاح رجال الاسعاف في السياره ..
- دكتور ... المصاب فتح عينيه و بيتحرك.... دكتور الحق ... بيحاول يشيل الاكسجين ..... واضح انه عاوز يقول حاجه
اسرع الطبيب علي يد حسام و ثبتها بعنف في مكانها ..... ثم قال بصوت عال ..... "بنتك بخير و لم تصب باذي....... صدقني هي في السياره اللي ورانا "
نظر حسام بتحد الي عيني الطبيب .... فربما يريد ان يستشف صدقهما ...... ففهم الطبيب .... و كرر ثانية ما قال .....
هدأ حسام ..... و استسلم الي سريره منتظرا ذلك القدر القادم كما اخبر الطبيب ..... و شريط طويل من احداث الحياة بدأت مشاهدته تتابع بسرعه اما عينيه ... يحاول ان ينتقي افضل ما فيها ليقابل بها ربه ... و لكن هيهات .... فكثير من المشاهد دون المستوي
وصلت سيارة الاسعاف .... و نقل المصاب الي العمليات ..... بينما هرعت زوجته الي المستشفي بعد علمها بما حصل .... تسأل عن نصف اسرتها ..... فرأت ابنتها بخير .... بينما زوجها لا يعلم عن مصيره احد الا الاحد ....
تجمع العشرات اما باب غرفة العمليات .... و بدأت الهمهمات و التعليقات :
- انت شفت العربية ... منظرها بشع .... مستحيل حد يطلع منها سليم
-خد بالك اصلها روسي ... عضمها ناشف .... و دا كرم من ربنا كبير
- تخيل انت لو الحادثه دي بالعربيات بتاعت اليومين دوول
- كان زمانهم في خبر كان من زمان ....
- الحمد لله ... المهم الراجل يطلع سليم من جوا
اطرقت سلوي زوجة حسام الي تلك الهمهمات رغم قلقها علي زوجها ....
الطبيب يخرج من غرفة العمليات مؤكدا للجميع ان حسام بخير و لا يوجد اي نزيف داخلي و لا كسور و انما كدمات متفرقه و الحمد لله ... مع بعض الجروح القطعيه في الكتف و الرقبه و تم "تخييطها "
هلل الجميع و حمدوا الله علي نعمته .... و بعد ايام قلاقل انتقل حسام الي البيت
- صباح الخير يا حبيبي ... سلامتك بالدنيا كلها
- ايه الكلام الحلو ده .... دا انا بفكر اعمل حادثه تاني
- بعد الشر عليك يا حبيبي ...
- تعرفي يا سلوي ... انا كنت فاكر اني هموت و اكتشفت اني مش مستعد
- ليه بتقول كده ؟
-المسعف قال في سيارة الاسعاف اني هموت .... و من لحظتها تصفحت اعمالي و تصرفاتي فلقيتها كلها لا تصلح للعرض علي الكريم ...... فيها تقصير شديد
- واضح ان المسعف خلاك تصاب بالفزع فعلا
- فعلا خلاني افزع و لكن خلاني اعرف انه في لحظه ممكن اموت و لازم استعد
- خلاص يا حسام نتفق علي زيادة جرعة العبادات ... و نحاول نتق الله في كل شئ قدر الامكان
- ربنا يبارك فيك ... بقولك ايه.. ايه رأيك ابيع السيارة اللي اصبحت خرده دي و احققلك امنيتك و اجيبلك عربية من طراز بوينج او ايرباص ...
- لا .... صلح عربيتنا
- يا حبيبتي ما ينفعش ... دي محتاجه عربية تانيه تقريبا ..... دي اتعجنت عجن
- طيب لو هتجيب تاني .... هات روسي
- سبحان الله ...انت مش كنت ما بتحبيش الميج .... ايه اللي حصل
- حسام كفايه تريقه ..... دا لولا انها روسي كان زمانكم في خبر كان .....
- لا يا حبيبتي ..... دا قدر الله المكتوب و مهما كان نوع السياره فكنا هنعيش لان لينا عمر
- حسام خد بالاسباب و خلينا في المتين ....
- اوك اوك .... اسعدتيني بقرارك .... اذا فسيارتنا يمكن اصلاحها
- انت مش قلت انه ما ينفعش !!! ....
- لا ينفع ... و نص كمان
-----------------------------------------------------------------
ما سبق من وحي خواطري .... و ليس للدعاية بالطبع لما هو روسي
في امان الله ....
بقلمي ....