أنا فتاة فى الثانية والعشرين من عمرى درست الإعلام بإحدى الجامعات ثم استكملت دراستى العليا فيه، وقد منحنى الله موهبة فى تقديم النشرات الإخبارية والإلقاء. ودائما فإن صوتى يكون محل اهتمام من يسمعنى، وحتى التمثيل فإن ادائى يبهر من حولى، وينادينى زملائى أحيانا بالإعلامية، وأحيانا أخرى باسم احدى الشخصيات التى مثلتها على خشبة المسرح، ولم تضعف عزيمتى أو تلين امام صعوبات الحياة، واتخذت من كلمات د. إبراهيم الفقى شعارا لى ومنها (عش بالأمل والصبر والكفاح، والحب)، ولذلك اعتزمت كسر أى حاجز يقف فى طريقى حتى أصل إلى مكانة مرموقة في هذا المجال... وبرغم أنه لم تأتنى فرصة حقيقية للعمل أو لإظهار موهبتى فإنى ماضية فى طريقى الذى رسمته لنفسى، ولكن مشكلتى تكمن فى أمرين: (الأول : عائلتى التى ترى دائما أننى أبحث عن السراب، وأن علىّ أن أتوقف عن هذه الخيالات، فهذا المجال يتطلب (واسطة) كبيرة، وبالتالى فإن التوقف عن الدراسات العليا أجدى وأنفع!.. ودفعنى موقفهم إلى أننى فرضت على نفسى عزلة، وكثيرا ما أجلس وحيدة في غرفتى بعيدا عن الجلسات العائلية.
والثانى : أن كثيرين من الشباب يتقدمون لخطبتى، وعلى الرغم من أنهم حاصلون على شهادات عليا، لكنهم يشترطون التفرغ للبيت والتخلى عن أحلام العمل والدراسات العليا. وهذا يصيبنى بحالة اضطراب نفسى عندما يتقدم لى أحدهم للزواج، ولذلك أرفضه حتى قبل الجلوس معه، خوفا من أن يقف ضد طموحى ويدمر حياتى... وأجد ممن حولى تحذيرات كثيرة بأن عمرى سيضيع هباء، وأن علىّ أن أرضى بالأمر الواقع، وأتزوج وأعيش الحياة التقليدية، أما أصدقائى فمنهم من قال لى : تمسكى بموقفك حتى تجدى الشخص المناسب مهما يطل الوقت، ومنهم من أكد أننى سوف أندم كثيرا إذا صممت على ذلك... فبماذا تنصحنى؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول: لا يأس مع الحياة، فالمرء يحقق طموحاته بقدر سعيه ورأيه ومواجهة العواصف والأعاصير التى تواجهه من حيث لا يدرى، ولقد لخصت المنهج السليم لحياة مستقرة وناجحة، فى أن يعيش الإنسان حياته بالأمل والصبر والكفاح والحب، فما الذى يضنيك بعد ذلك؟. إننى لا أجد سببا للنفور أو الخوف من الزواج، فقبل أن ترفضي من يتقدم إليك، إجلسي معه وتعرفى على افكاره، فإن لمست فيه قبولا، فواصلي التجربة إلى نهايتها، ولا تخشي شيئا إذا اطمأننت إلى أنه يفكر بنفس طريقتك، إذ إنه حينئذ سوف يقدر لك طموحك، ويساعدك على تحقيق غاياتك، ولا تعارض بين الطموح فى العمل، والزواج الناجح المستقر، فقط أحسني الاختيار وامنحى نفسك الفرصة الكافية لاتخاذ خطواتك المستقبلية. أما مسألة الواسطة التى يتحدثون معك عنها، فإن الموهبة تفرض نفسها، ولم ينجح أحد فى المجال الذى تحبينه بالواسطة، فلابد من توافر الموهبة، والخلفية العلمية والثقافية المؤهلة للنجاح. فلا تتوقفى عن الاستمرار فى مشوارك العلمى، وسوف تسعدين بحياتك قريبا بإذن الله.