أنا سيدة حاصلة علي مؤهل فوق متوسط عملت بعد تخرجي مباشرة وتزوجت زواجا تقليديا منذ ثمانية عشر عاما,وزوجي لفرط سعادة حظي هو أكبر اخوته ويشغل منصبا اعتباريا يشبه منصب العمدة في عائلته.
وكذلك في بلدتنا فهو دائما مقصد أصحاب الاستشارات والمشاكل المتنوعة من خصام وطلاق وميراث وتقسيم أراض, وما إلي ذلك لأنه في هذه المجالس شخص ذو وجه طلق وبال طويل ومهارة فائقة في الإنصات لمشاكل الناس واقتراح الحلول ورد الحقوق والاعتبارات لأصحابها, وقد رزقني المولي عز وجل بالبنين والبنات, فمنهم من بدأ دراسته الجامعية ومنهم في المرحلة الابتدائية, وقد تعلمت من حكمة زوجي وخبرته الطويلة في الحياة والعبر التي يستقيها من منصبه هذا ما أظنه يؤهلني لكي أسطر كتابا عن معاني وقيم الحياة الزوجية, ولكني في الحقيقة لن استطيع ذلك فاسمح لي ان استعين بك وسألخصها في الآتي:
أولا: ان المرأة كائن خلق من الحديد الذي لا يصدأ ولا يتعب ولا يكل وهي لهذا يجب ان يكون لها عشرة أياد لكي تقوم بكل شيء في نفس الوقت.
ثانيا: ان من أشد الذنوب والآثام أن يقوم الزوج أو أحد الأبناء بمناولة نفسه كوبا من الماء طالما أن الخادمة التي تعمل طوال الساعات الأربع والعشرين بدون أي مقابل والتي تحمل لقب ماما موجودة في البيت حتي وان كان من الأبناء من تجاوزها طولا.
ثالثا: انه مادام البيت والزوج والأبناء لا ينقصهم شيء فماذا تريد المرأة بعد ذلك وأي سعادة ترجوها من الدنيا أكثر؟
رابعا: أن البيت هو المكان الهادئ الذي يفكر بداخله الزوج في المشاكل التي تنتظره في دوار العمدة لذلك فعليه الانفراد بنفسه دائما داخل البيت لكي يصل الي التفكير السليم ويكون نصيب الزوجة والأبناء هو العبوس الدائم والصراخ والتوبيخ إذا تشاجر الأولاد مثلا وعلا صوت شجارهم.
خامسا: انه من المقبول والمعقول والمشروع أيضا ان تسهم الزوجة بكل دخلها في نفقات البيت والأبناء بل وتثور ثائرة الزوج إذا علم ان زوجته تدخر شيئا من دخلها أو تقدم مساعدة لأحد من أهلها, لكنه من غير المعقول ان يشارك الزوج ببعض مجهوده البدني مثل المساهمة بكي الملابس مثلا أو شراء بعض الأغراض.
سادسا: انه عندما يحدث أي موقف من أهل الزوجة ولو كان بسيطا أو غير مقصود فإنه يجب المسارعة بالاعتذار, وتقديم كل الترضيات الممكنة, والا أخذ حقه بدون اعتبار للحرج, أما عندما يحدث ذلك من أهل الزوج فإن علي الزوجة ألا تبالغ, وأن تعتبر الأمر بسيطا وغير مقصود ولا تنتظر أي ترضية.
سابعا: ان هناك في البيت دائما توجد الزوجة التي يكمل وجودها قطع الأثاث التي تملأ البيت والتي تكون علي استعداد لتلبية الاحتياجات الزوجية عندما يعود الزوج الي بيته بعد منتصف الليل أو قبيل الفجر, أو في أي وقت آخر بعد ان ينهي أعماله المهمة بالخارج.
وأخيرا ياسيدي أوجه كلامي إلي الآنسات اللاتي ارسلن اليك مؤخرا يشكون من تأخر سن الزواج وأقول لهن أن يحمدن الخالق علي النعمة التي هن فيها ولا يستعجلن علي أن يعشن حياة لا لون لها ولا طعم ويمضي ليلها كنهارها وتتشابه فيها كل الأيام والشهور والسنين.
وأخيرا أدعو للجميع بالتوفيق والسعادة وأعتذر ان كنت أثقلت عليك وعلي قرائك الكرام.
> سيدتي.. واضح جدا تأثير عمل وطبيعة زوجك العمدة عليك, فقد رصدت في رسالتك كل مشكلات الزوجة المصرية في بيتها, والظلم الواقع عليها من الزوج والأبناء, الكل يريد منها ويحملها مالا تطيق, عليها ان تعطي بلا حدود ولا تنتظر الأخذ ولا حتي الشكر.
للأسف البعض يفهم طاعة المرأة لزوجها خطأ, كما يفهم حق الزوج وواجبه خطأ أيضا, فيما فسر ديننا الحنيف, ورسولنا الكريم حقوق الزوجة التي تكفل لها حياة كريمة, وكما فرض عليها فرض لها.. ولكن الأزمة سيدتي تبدأ من عند الأم, عندما تربي ابنتها علي الذل والخضوع والتفريط في حقوقها باسم الستر و كل الرجال كدة وتربي الابن علي التسلط وتغرس فيه مفهوم الرجولة بالأمر والنهي, كما تخطئ الأم عندما تربي الأبناء علي عدم المسئولية فتلبي رغباتهم منذ الصغر دون أن تنمي فيهم الاعتماد علي النفس, والمشاركة في عمل البيت, وما ينطبق علي الأبناء, ينطبق علي الأزواج, فيبالغن في تدليلهم وعدم دفعهم الي تحمل بعض المسئولية في البيت.
انها سيدتي مفاهيم قديمة تحتاج الي تغيير كبير لن يحدث في يوم وليلة, ولكنه يحتاج الي وقت طويل, حتي يفهم الرجل ان مشاركته في عمل البيت مع عدم وجود خادمة ليس عيبا وإنما واجب, وأن راحة زوجته ستنعكس عليه بالسعادة والاستقرار, وانه بذلك سيضمن السعادة لأبنائه عندما يرون نموذجا ايجابيا امامهم, فلا يرون مساعدتهم لأمهم عيبا, وبالتالي لن يخجلوا في المستقبل من معاونة زوجاتهم.
ايضا لو فكر الزوج أن يعامل زوجته فيستمع اليها كما يفعل مع الآخرين, ويحل مشكلاتها كما يفعل مع أهل بلدته, لفرج عنها كربها, ولجني معها سعادة غائبة لن يعرف مذاقها إلا إذا استعادها بيديه.