هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • ظل كهف
  • فارس الاحلام الشاطر حسن بكار
  • و إني أراك بعيني جنة
  • سلوك دنئ لكلاب
  • لمسة صديقي
  • شاي الضفدعه
  • مرسال الليل
  • لمن يقدر
  • الشخصيات الجميلة ليست من فراغ
  • عدّى الزمان
  • نجم الليل
  • المبادئ تبلور حياة الفرد
  • معارك المرء التي لا تنتهي
  • طريق مجهول
  • عزيزي الغائب
  • عكس عقارب الساعة - الفصل (4)
  • الهموم التي نسجتها الأيام
  • حب قيس لليلى
  • الشعور الذي يهز كيان قلوبنا
  • ملاذ القلب في عينيه
  1. الرئيسية
  2. مدونة م أحمد زيدان
  3. (حياة حافلة) قصة قصيرة..بقلمى.

مضى وقت طويل لم ازور فيه تاميكوم..عشرون عاماً أظنها ربما اكثر!!.
ولكن لم يعد هذا مهماً فى تلك الايام الغريبه ولم اعد حتى اكتب أو أقرأ !!.
فقط نقلت تلك القصه من كشكولى القديم وهى أول قصه قصيره بالمعنى المتعارف عليه اكتبها ربما فى حياتى كلها. كان هذا منذ عشره آلاف عام ..اقصد فى صيف سنه2000 . لا اعرف لماذ لم تكن المفضله لدى رغم أن اخى الاصغر كان يعتبرها الافضل بين مجموعتى !!!.
انتظر رأيكم وسامحونى على التقصيييييير والتأخيييييير.



حياة حافلة


اقبل الصباح ككل صباح . وكان السيد هو أول المستيقظين خرج من الغرفة وهو يترنح وبالكاد يغلب نعاسة وهو يحمل فوطته متجها إلى الحمام وما هي إلا دقائق ودبت الحركة في المكان فهذا يفتح الثلاجة وذاك يبحث عن حذائه وتلك تعيد تثبيت أزرار القميص وبعد قليل كان الجميع يتناول إفطاره بينما القط العجوز ينتظر عن كثب ربما لقمة تائهة هنا أو هناك
ولكن لا جديد لم يكن هناك سوى الطفلة الصغيرة التي تحنو عليه ببعض من لبنها الخاص وفى خلسة من الجميع
وبعد الإفطار كانت السيدة تعيد ترتيب المكان وتنظيفه وكان هذا وحده يستجدى الرثاء ففي دقائق الإفطار وما قبلها تضرب الفوضى أطنابها في كل شذر ومذر , فهذا ترك بنطالة أسفل المقعد وغيارات الصغير على المنضدة وبقايا الطعام تملأ الأرضية مع أن المفروض أن الطعام كان فوق المنضدة وليس الأرض, والقط العجوز منزو في ركن المقعد وقد اسلم جفونه للنوم بيد أن ضربة حاسمة من مضرب السيدة توقظه في فزع فيختبئ أسفل أي شيء وبعد ساعات الإنهاك تجلس على المقعد لتستريح والرضيع يحبوا أسفل منها والويل لها إن اصطدم رأسه بشيء فصراخه تستطيع سماعه على أي محطة راديو بوضوح تام!!.
مسكينة هي السيدة , لا أحد في هذا البيت يشعر بها سواى فأنا أدين لها بالفضل فهي من أتت بى لهذا البيت ولولاها فالله وحده الذي كان سيعلم مصيري. فمنذ وفاة والدتها أصرت على أن تصطحبني معها ولم تتركني وحدي وأنا رفيقة الطفولة والصبا وسط سخرية السيد والذي اشكر له مجرد سخريته وعدم طردي من البيت أيضاً. ولكن هذا لا يمنع كونه وقح , فهو يغمز لي بطرف عينه كل صباح !.عجبا لهؤلاء الرجال ألا يستحون !!
بل والأدهى انه يقف أمامي أحيانا عاري الجذع ويصر على أن يريني لثته الجميلة حسب تصوره!!
يال سخافة عقلة أيعتبر هذا أسلوب إغراء !!؟. لن أظل أتحمل هذا ابد الدهر فسأشكوه يوما للسيدة, فأنا لا يمكن أن أخون أبدا السيدة التي أحسنت إلى !!, وليت الأمر توقف عند هذا الجد فحتى تلميذ الصف الثاني الابتدائي أحيانا ًيخرج لي لسانه وهو يرفع يديه لمستوى أذنيه وقد فرد أصابعه وهو يهزهما في تحد سافر وكأنما يغيظني بهذا !! حقاً هذا الشبل من ذلك الوغد!!
أما الصغيرة التي تعطى إفطارها لقطها فهي أحياناً تقف أمامي بالساعات وهى تنظر لي في استغراب وبلادة مثيرين للشفقة , وأجمل ما فيها أنها تشبه والدتها في صغرها . نعم فمازلت اذكرها وهى صغيره وأذكر يوم مولدها , كانت والدتها رحمها الله سيده طيبه وكانت سعيدة جدا بها , يال السنون كم عاما مر على هذا الوقت.. لقد كانت حقا حياه حافلة .
ولازلت اذكر أول يوم ذهبت فيه للمدرسة وعادت تبكى وتقسم فيه أنها لن تذهب للمدرسة مره أخرى وذلك لأن الحذاء الجديد كان ضيقاً!!. وما ذنب المدرسة إذاً !؟.
وأعياد الميلاد وصديقاتها الظريفات, كم حصلت منهن على عقود جميلة فلا يقدمن لها هديه حتى احصل أنا على واحده مثلها, لقد كانت تصر هي على ذلك وتعتبر أن من لا يحبني لا يحبها أيضاً, إلا أنها لم تكن تترك لي سوى العقود وتحتفظ لي بالباقي مع أشيائها في مخبأها السري(أسفل السرير)!!.
كانت تقول لي هذا دائما لأني لن استطيع أن أحافظ على هذه الأشياء وكنت أصدقها!. فلقد كانت صديقه عزيزة كثيرا ما كانت تجلس معي تحكى لي عن أسرارها وشئونها الخاصة وتوطدت أواصر الصداقة بيننا عندما كبرت لقد كانت تمضى بالساعات أمامي وهى لا تمل وهى تريني علبة (الماكياج) الجديدة التي اشترتها والتي لا يدرى احد سواى عنها شيئا . وكم أرتني من فساتينها الجديدة. ولا زلت اذكر يوم أن جاءتني وهى تدير وجهها لي على الجانبين لتريني التغييرات التي طرأت على وجهها, إنها حبوب الشباب. انه أمر يدعو للرثاء فعلاً. مسكينة أنت يا صغيرتي, لقد كنت اشعر بالأسى فعلا لأجلها ومرت الأيام وعاد وجهها مشرقا وضاءا ولم تنس أن تجعلني أول من يعلم بابتسامتها البشوش . لقد كانت حياة حافلة حقاً.
إلى أن جاء يوم زواجها وودعتها بالدموع الحارة والآهات الصادقة متمنية لها السعادة والهناء. إلا أن عزائي الوحيد أنى كنت في خدمة السيدة الكبيرة فضلا عن أنها كانت تزورني من الحين للآخر.
إلى أن جاء يوم وفاه السيدة الكبيرة. لقد شعرت بعميق الأسى ووافر الحزن لأجلها, لقد كانت شيئاً جميلاً من تلك الأشياء القليلة التي تجود علينا بها الحياة .
ومرت الأيام وبيع البيت وأصرت السيدة أن تصطحبني معها لبيتها..هذا البيت.
ومنذ أن جئت إلى هنا وأنا اشعر بغربه شديدة فالجميع هنا يعاملونني بجفاء حتى القط !!.
هذا القط الغبي تصوروا !. لازلت اذكر اليوم الذي كان يقف فيه أمامي على المنضدة وهو يرمقني في حنق وقد ارتفع زيله كهوائي التلفاز معلناً تذمره واعتراضه على وجوى ومن تكون لكي تعترض؟ وكأنما سمع اعتراضي فقفز قفزه لا تتناسب مع كبر سنه وأنشب مخالبه في وجهي الناعم وأنا اصرخ دعني.. دعني!!.
فسقط على الأرض وهو يسب ويتوعد!! ولست اشك في انه يضمر لي العداء ويتحين لي الفرص ليفتك بى!!
أفقت من تأملاتي على السيدة ملقاة على الأريكة بعد أن أنهكها التعب وكان الصغير هادئاً حتى هذه اللحظة ...هذه اللحظة فقط , فلقد حان موعد العودة من المدرسة للصغار وحان موعد الضجيج والصراخ!!.
ففي دقائق انقلب البيت رأساً على عقب فالحقائب ملقاة هنا وهناك والجوارب الملقاة أرضاً تبحث عن موضع تختفي فيه بعيداً عن أعين الأم بعد أن فاحت رائحتها!!.
والرضيع المصرعلى أن يظل يصرخ رغم انه لا توجد مبررات كافيه لذلك وكأنما يلذ له هذا !؟.
فحملته السيدة لتهدأ من روعه وهى تصرخ في هذا وتلعن ذاك وتتوعد الجميع!!
انتهى الغداء ومر اليوم بطيئا وفى المساء انتشرت الزينة على الجدران والبالونات في كل مكان. فاليوم عيد ميلاد الشقي الصغير ولقد تكدست الثلاجة بالأشياء الملونة واللذيذة!. وفى الثامنة مساءاً امتلأ البيت بالكائنات القصيرة التي يسمونها أطفال !!. وعم الضجيج المكان وارتفعت أصوات (الصفافير) في كل مكان . وكأنما لم يرق للصغير أن يمر اليوم بسلام فوقف أمامي مع رفقه من أصحابه وهو يخرج لي لسانه والآخرون يفعلون مثله غير أن احدهم كان يرفع يديه ويلوح لي يهما !!,وكانت هناك مباراة على من ينجح في أن يصيب وجهي بأكبر كمية من الحلوى!!. إلا أن السيدة أنقذتني فلقد انتهرت الصغير بشده فابتعد هو ورفاقه ولكن بعد أن امتلأ وجهي بالحلوى!!. مسحت السيدة وجهي بفوطه قريبه وكان على وجهها الضيق والأسى لحالي والذي كان بمثابة الاعتذار الكافي لي !!
انتهى الحفل وانتهى اليوم تجاوزت الساعة منتصف الليل بقليل وذهب الجميع إلى مضاجعهم إلا السيدة التي بالكاد انتهت . فلم يطب لها أن تنام والبيت على هذه الحالة من الفوضى ودعتني بابتسامتها المضيئة وتمنت لي نوما هادئا.
نعم فلقد تعبت وأن أوان الراحة.

*********************************


وفى الصباح استيقظ السيد (حسن) على ضجيج وجلبه في الصالة الخارجية فإذ بزوجته تصرخ وتولول وتمسك بأذن الصغير وهى تصرخ فيه: اعترف.. أنا اعرف انك تكره وجود المرآة منذ البداية وتريد كسرها.. أنت من أوقعها.. اعترف.
فأفلت الصغير من يدها قائلا: مهلا أيه مرآة؟
فنظر تجاه الحائط المواجه فإذ مرآتها العتيقة التي تعتز بها وتقول إنها منذ جاءت إلى الدنيا وهى رفيقتها وأصرت على أن تحتفظ بها على أنها (( من ريحه أمها)) مهشمه إلى قطع صغيره على الأرضية وقد تركت فراغاً كبيراً على الحائط وأكبر في قلب السيدة !.
فقال الصبي وهو يكاد يبكى: لا لست أنا, لم افعل شيئا من هذا يا أمي ..صدقيني.
وانهارت السيدة على اقرب مقعد وهى تجهش بالبكاء وكأنما مات لها ابن!!
فلقد كانت المرآة بمثابة الابن لها فكل ذكرياتها منذ لحظه ميلادها وحتى يومها هذا تحمله معها هذه المرآة. أفاقت من بكائها وقد تذكرت القط فلقد كانت تراه دائما ينظر للمرآة في تحفز,إنه هو إذاً
كان نائماً كعادته في احد الأركان إلا انه استيقظ على صراخها وعندما رأى الشرر يلتمع في عينيها أدرك بحاسته القططية انه ارتكب خطيئة لا تغتفر. رغم انه يترك فئران البيت تلهو حوله دون أن يؤذى مشاعرها على اعتبار أنها ممتلكات للغير!!.
ففر هاربا قبل أن تلحق به فرده الحذاء التي طارت خلفه!!.
اقترب السيد من الحائط فرأى الموضع الذي كان فيه مسمار المرآة اتسع أكثر من اللازم والمسمار نفسه لم يعد هناك, لقد آثر آن يموتا معا كما عاشا معا!!.
اقترب من زوجته الباكية ليهدأ من روعها ويطمئنها فلم يقترف احد إثماً بشأن مرآتها الأثيرة, لقد اتسع ثقب مسمار المرآة فسقطت على الأرض هذا كل ما حدث. قضاء وقدر.. واخبرها انه سيبتاع لها أخرى جديدة ولكن هل تمتلك تلك الجديدة الذكريات التي عاصرتها القديمة!!
لقد كانت حقا ..حياه حافلة ...بالنسبة لمرآه.

تمت.
التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

474 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع