جلس متكئا وبكل أريحية، راح يكيل الاتهامات بالتسيب والإهمال وعدم المسئولية، متهمًا إدارة الحج بالمملكة السعودية بأشد عبارات الاتهام، على ما تابعناه من وفيات وتزاحم وأخبار محزنة.
قلت له: هذا يؤكد ما نادينا به منذ سنين، ونحن نكتب ونقول: بأن تعليمات السلطات المُنظِّمة للحج هي تعليمات واجبة الاتباع، حيث يجب الالتزام بتعاليم الجهات الرسمية الحكومية بخصوص تصاريح الحج.
وبادرته بتساؤلاتي، التي أوجهها للحاج الذي خرج من بلاده بتأشيرة الزيارة، وفجأة نراه يزاحم الحجيج في عرفة، وكان من تلك التساؤلات للحاج وللمجتمع بأسره،
لماذا نُصِر على أداء فرائض الله بمعصية أوامر الله، الذي أمر بأن طاعة أولي الأمر واجبة في غير معصية، ؟؟
لماذا يا حاج يامن ذهبت بتأشيرة زيارة، لماذا تكسر العهد الذي بينك وبين الجهات الرسمية، بأنك ستدخل فقط لتؤدي زيارة، والزيارة ليست أبدًا تصريحًا بالحج، ؟؟
لماذا نترك المخطيء في أدائه وأفعاله، ولا ننفر مما فعله حتى لو كان حاجًا،، ؟ ونصُب جامّ غضبِنا على من أصدر التنظيمات والتعليمات -رغم أنها تعليمات لحفظ النفس والممتلكات- وهي التي التف عليها بعض الحجاج الذين بالطبع عانوا أشد المعاناة، ؟؟
لماذا لا نقول عما حدث من وفيات هذا العام، ومن معاناة سمع بها الناس، أنها رسائل من الله يرسلها إلينا، بأن أطيعوا الجهات الرسمية لولاة الأمر بالسعودية ولا تتسللوا ولا تلتفوا عليها، ولا تتلاعبوا بهذه الأوامر التنظيمية، وأنه لا يكفي حسن النوايا في قصد الحج بدون اتباع أمر الله في طاعة أولي الأمر، حيث قد تكون النتائج محزنة،، ؟؟
هل الآية الكريمة {{لمن استطاع إليه سبيلًا}} تعني أنني وبلا تصريح، وبلا تأمين على نفسي وأموالي، وبلا موافقة ولي أمر المملكة، أنني أكون هكذا على استطاعة إلى الحج، ؟؟
أما آن لنا أن نرجع للأوامر الإلهية الإسلامية في أداء أيٍ من الفرائض الإسلامية، وأن نتعلم حدود الفريضة وشروطها قبل الشروع في أدائها، ؟؟
أما آن لنا أن نجنِّب الأهواء والعواطف والميول الشخصي، حين نؤدي فرائض الله، فلا نؤديها بمخالفة آيات الله، ؟؟
لماذا يُصِر البعض ممن أدوا الفريضة، أن يكرروها كل عام، رغم معرفتنا بمحدودية المكان والزمان بالمناسك، وعلمنا بتهافت جموع الناس للحج كما نرى، ؟؟
في الحقيقة، الأمر يطول إذا ما حاولنا سرد جميع التساؤلات الحائرة في هذه الفريضة العظيمة، بين التشدد الذي كان منذ سنين في المباحات بمناسك الحج وتوقيتات الرمي وحدود الأماكن وغيرها، وبين تصلب الفكر عند بعض الحجيج في ضرورة الذهاب كل عام ليكرر الفريضة التي تسقط بأدائها مرة في العمر،
وإلى أن نعرف إجابات لتلك التساؤلات، ستظل أخبارنا المحزنة تملأ السطور عامًا بعد عام.