النقد الهادف , , لا النقد الجالد
بوابة الاهرام :30-4-2011 | 14:48
لا يخفى على أحد اليوم , أن أهم نتائج الثورة البيضاء النقية , هو فتح باب النقد أمام الجميع , بعد أن كان النقد من ذي قبل , شيء من قبيل الرجس الذي من عمل الشيطان لا يقبله المسئولون و يتململون منه.
و لا يخفى علينا أيضا , مدى تشوق الناس لممارسة حقهم الديمقراطي الطبيعي في نقد المسئولين الرسميين أو حتى المتطوعين بالعمل العام عموما ,
و الذي اؤمن به أنه لا يوجد أي مسئول هو فوق النقد , بل لا يوجد تطور لأي أداء عام سواءا حكومي أو تطوعي إلا بوجود الرقابة المجتمعية الناقدة للأداء , و الذي أراه أهم بكثير من الدور الرقابي الحكومي من خلال مؤسسات الدولة كالجهاز المركزي للمحاسبات أو غيره من أجهزة الرقابة الإدارية بالدولة .
ذلك لأن الرقابة المجتمعية هي التي تمثل مراقبة " صاحب المِلك " الذي يحرص على أملاكِه من خلال تقديم النقد و الرقابة على الأداء في العمل الرسمي أو التطوعي.
و إذا ما اتفقنا على تلك المفاهيم , و ضرورة تواجد النقد و الرقابة و المحاسبة المجتمعية بهذا الشكل , , يجب أيضا أن نبرز خلال تلك المعاني معايير هامة و ضوابط لازمة , تضمن أن لا يحيد النقد عن مساره و أن لا تنزلق الرقابة إلى مزالق الجلد و تصفية الحسابات الشخصية ,
و من تلك الضوابط أرى التالي:
1- التركيز على الموضوعية و تحديد نقاط النقد دون الكلام المرسل.
2- التركيز على احترام أنفسنا من خلال احترام من ننتقدهم في الصياغة.
3- التركيز على الأداء و ليس الأشخاص , بأن انتقد العمل و ليس العامل و الأداء و ليس المؤدي و الفكرة و ليس المفكر.
4- البعد عن الاستهزاء أو السب أو التعدي أو الهمز و اللمز.
5- أن ننأى بانفسنا عن اتهام الآخرين و إطلاق الأحكام إلا بدليل ثبوتي مستندي او بعد حكم قضائي.
6- أن ننتقد بهدف تحسين و تطوير الأداء و ليس لمجرد النقد و العلو على الآخرين بالنقد و استعراض القوة و الذي أسميه " الرياء النقدي ".
7- أن نساعد المسئول الرسمي أو المتطوع بالنقد , بمعنى أن نقدم له الحلول و البدائل الممكنة للأمر الذي انتقدناه فيه.
8- عدم استخدام النقد للأداء كأداة مسلطة على رقاب المسئولين لإقصائهم بسبب الأداء ( إلا إذا كان هناك فساد فهذا شيء آخر ).
مثل تلك الضوابط و غيرها , تجعل النقد موضوعيا و محددا و قابلا للتطبيق بتعديل ما تم انتقاده , و أيضا تجعله مقبولا لدى المسئول فيستفيد منه و بالتالي تستفيد منه مصر عموما في شتى الهيئات , بل و تبتعد بنا عن التحسس من الإنتقاد و الضيق من الناقدين و ايضا نحافظ بذلك على مكتسبات الثورة التي حصلنا عليها بفتح ابواب النقد للتطوير.
إن نقدا لا تنضبط فيه المعايير السابقة , لهو نقد يؤدي لا محالة إلى فشل النقد , و استعداء الناقدين و المنتَقَدين و من ثم التراشق و الصراع بين أبناء مصر , و نفقد بذلك نتائج النقد الهامة في مرحلة نحن أحوج فيها ما نكون إلى البِناء من خلال النقد البنّاء.
-----------------------
أشرف الكرم
مهندس معماري استشاري