مررنا جميعًا بحالاتٍ من الإعجاب، أن تنظر للطرف الآخر فيشُدك إليه وتسعد برؤيتك له من أول نظرة، وقد تظل تنظر إليه وأنت في حالة من الارتياح والسكينة، بل وأحيانًا تشعر بأنك تود إطالة زمن النظر إليه.
هذا أمرٌ طبيعي، وهو يتعلق بموروثٍ في الذاكرة قد يكون منذ الطفولة، حين تتطابق صورة من تراه مع من كنت تحبه في مراحل الصغر، فيحدث الإعجاب والارتياح النفسي، أما الحب فهو غير الإعجاب، حيث لا يأتي من أول نظرة.
الحب، من المشاعر الراقية والسامية، ويأتي من المعاملة والسلوكيات والاحترام المتبادل والتقدير المستمر واستشعار حالة المحب لحبيبه ومراعاتها، ومن ردود الأفعال في الضيق والفرَج، في الأفراح والأتراح، وغير ذلك من مجموعة التعامل الإنساني بين الطرفين.
ويخلط بعض الشباب بين هذا وذاك، حين يعتقدون بأن الإعجاب هو الحب، ويعوّلون عليه في أنه سيساعد في تخطي الصِدامات المستقبلية والصدمات التي تحدث لا محالة بعد الزواج،
وفي الحقيقة فإن الإعجاب لا يتحمل كثيرًا من تلك التحديات التي تواجه الأسرة، لأنه شكلي ومظهريّ وأقرب إلى الخيال المبني على الموروث، لذا لا يصمُد أمام المشكلات، وقد ينكسر قارب الأسرة الذي تتلاطمه أمواج الصعوبات رغم بدء العلاقة الزوجية بالإعجاب.
ونسمع حينها عبارات التعجب من انفصال طرفين كانا محبين وعاشا قصة حب، لم تكن في الحقيقة إلا مجرد إعجاب.
لكن الحب، حين يقوى بمجموعة السلوكيات والتعاملات الإنسانية الراقية، هو القادر على تحمل الأعباء والمرور بها فوق الصعوبات، لأنه ليس مظهريّ بل يكون في عمقهِ جوهريّ.
وهذا ليس معناه أن يتم الزواج دون الإعجاب، فالإعجاب والانجذاب العاطفي هو مفتاح باب الحب، الذي ينمو بمرور الزمن عند التفاعل الإيجابي والإنساني في الأحداث المتعاقبة بين الطرفين.