حالة غريبة تعتريني كلما صادف أن ذهبت إلى ذلك المنزل القديم الذي قضيت فيه معظم طفولتي ... بمجرد عبوري بابه العتيق , مزيج من النشوة والحنين يتدفقان في كل ذرة من كياني , فيسنرخي بعدها قلبي ونفسي وروحي ملقية بكل ألم وتوتر وراء ظهري لأعود مرة أخرى طفلة تلهو وتلعب هنا وهناك ....... أجوب بعيني المكان المغلف بصمت هادئ أو ربما صمت حزين .. أسرح بخيالي وكأنني أبحر عبر الزمن لسنوات مضت , أو أستحثها لتأتي هي الي عبر الزمن لأستشعر نسائم السعادة من تفاصيلها ... أتجول بعيني باحثة في كل تفصيلة في المكان .. أمد يدي أتحسس الجدران , فكل منها يرتبط في ذاكرتي بحدث ما .... وينشق بعدها الصمت لتأتي أصوات الماضي البعيد رويدا رويدا حتى اشعر أنني أسمعها بوضوح .. هذه جدتي وهي تصلي جالسة وهؤلاء يعددن لنا الطعام وتلك تنادينا كي نترك اللعب لأنه حان موعد الطعام وهذا يحكي وهؤلاء يتضاحكن ... وهنا كنا نجلس حول الموقد في ليالي الشتاء نشرب الشراب الدافئ ونستمع لحكايات السمر .. الأصوات كلها تتردد على مسامعي أشتم رائحة المشروب الساخن المعد على الموقد في أنفي , بل انني أسمع صوت اصطكاك الأكواب ... وأشعر بالدفئ يسري في أوصالي وأراني أستكين في حجر أمي بعد أن غلبني النعاس ... كل تلك الصورة جعلتني أستنشق الهواء ونرتسم رغما عني على وجهي ابتسامة نشوى ... (نياو ..بس ) أخرجني صوت قطة كانت قد غافلتني ودخلت ورائي المنزل القديم وانتزعتني انتزاعا من بين أحضان ذكرياتي لأفيق لاأجد سوى الصمت المطبق وصفير الهواء الموحش , فخرجت من المنزل وأن أصك الباب في صرير عالي ...............................................
"ربما لاتكون أجمل الأماكن بل ربما تكون أحقرها ولكنها أغلاها"