منذ ٤٩ عاما بالتمام والكمال
....في مثل هذا اليوم
في ٥ اغسطس ١٩٧٥
استلمت اخلاء طرف من
ادارة الخدمات الطبية
بالقوات المسلحة
...الي وزارة الصحة
....
بعدما خدمت ضابط طبيب
طوال اربع سنوات واربعة اشهر
يشرفني خلالها عبوري قناة السويس في ملحمة ٦ اكتوبر
١٩٧٣
....
كان اول يوم لي في ٦ ابريل ١٩٧١ عندما التحقت بالجيش
وتسلمت مِخلة المهمات وكنا خليط من العمال والفلاحين والمدرسين والمهندسين وكنت الطبيب الوحيد واوقفونا صفوفا
ونادي علينا العريف اجلسوا ترددت لثواني لكنه صرخ اجلسوا يا بني ادمين .وجلست
.....
وجعلنا نجلس علي الارض ونقف عدة مرات حتي صار بنطلوني شبه الارض تماما
واحس العريف بالأسي في عيني ....وانصرف
....
وكان الاحساس بالهزيمة في ١٩٦٧ مسيطرا علي اي شيئ
....
والجيش مدرسة من نوع خاص للتدريب والتهذيب وتعلم الصبر ....وبعيدا عن كل ما رأيته وتعلمته من مواد عسكرية ....تفاجأت بان التقييم يعتمد علي كيفية الانضباط وليس علي مظهره ....فقدكان لي زملاء منضبطين حتي تخاله من الجبن !
وانا بطبعي منضبط وفي كلية ضباط الاحتياط استغل بعض الزملاء سرعة رد الفعل بالابتسامة والضحك احيانا علي التعليقات البينية والحركات الايحائية وكانت تلك ثغرة سببت لي طوابير زيادة كعقاب لي!
وعند انتهاء خدمتي بالجيش تسلمت شهادة انتهاء الخدمة البعض كان تقييمه امتياز او جيد جدا وتفاجأت بالتقييم (قدوة حسنة ) لي وحمدت الله تعالي
....
وسافرت للعمل خارج بلادي وفي ليبيا ذلك البلد الذي احببته كثيرا وعشت بين شعبه بلا احساس بالغربة فقد كان كريما في معاملاته وضيافته واخلاقه
....
في بداية الامر دخلت العاصمة طرابلس ولفت انتباهي لافتة ضخمة مكتوب عليها
(وهكذا حطمت عصا الراعي تاج الملك )
كلام حلو مثل الذي سمعته في بلادي ايام عبدالناصر حتي انهزمنا في ١٩٦٧ وتم احتلال سيناء والجولان السورية والضفة الغربية وغزة في ظل تلك الشعارات
....
كان العقيد القذافي في بادئ الامر متواضعا ومحبوبا ثم دارت الايام حتي صار مرفوع الرأس والذقن ....وبالقبضة الحديدية صارت للصبية والشباب الكلمة في اللجان الثورية ...والرجل لا يستطيع ان يهمس لاقرب الناس اليه ....و...و..!!،
......
الشعوب العربية شعوب طيبة وبحاجة لمن يحترمها وليست بحاجة لنظريات وفلسفات للحصول علي لقمة العيش ....فقط هي تريد العدل
والبلاد مفتوحة لمن يحكم ويبدع في الصناعة والزراعة والتعليم والبحث العلمي وكل مناحي الحياة
....
حكامنا ليسوا بخونة لبلادهم فعبدالناصر مات مهموما بقضية فلسطين بعد مؤتمر قمة هنا في مصر ....لكنه اخطأ
والعقيد القذافي يعشق تراب بلده ...لكنه اخطأ
...وعلي عبدالله صالح وحد اليمن ولم يخن وطنه....لكنه اخطأ
....والرئيس صدام مات في هوي العراق ....لكنه اخطأ
....
كانوا ومعهم حكام العرب ثوار في بلادهم لكنهم كانوا ....فيلة لهدم بلادهم دون قصد منهم !!
....
فلم يكن لديهم الدهاء المطلوب للوصول لاهدافهم لصالح اوطانهم في تعاملهم مع اصحاب الافواه المبتسمة والضحكات الصفراء من اوروبا وامريكا
...
كانوا يعيشون في جزر متباعدة لا طموح لوحدة اقتصادية ولا وحدة عسكرية ولا قيادة مشتركة
...
كانوا زعماء علي شعوبهم حتي هرب من شعوبهم الكثير وتسلل الي خارج الحدود وتلقفتهم امريكا واوروبا واطعمتهم في بلادهم وسلحتهم بسلاح الدين بحماية اجنبية ..
....كانما الاسلام في خطر في بلاد المسلمين !
...وصار ما صار من تشرذم لبلادنا الغنية بالقيم والثروة واكتظت بالميليشيات !
....وتقلصت القضية الفلسطينية وصغر حجمها ! رغم عشرات الزعماء علي مدي سبعين عاما ...
....
لا شيئ تحقق
سوي تلال من الجثث