أب يسير نحو عربة المانجو، يخاطب البائع، حديث مفهوم يعود منه كسير، والنظرات معلقة بصفار المانجو.
حبيبان سقطا من جيب الزمان، يحاولان القرب، منعهما الظن، ويجبرهما الشارع على احترام تجاعيد المجتمع، وضاعت وجهتهما الداخلية.
طفل يبيع المناديل والزهور، يقف حافي القدمين ونظراته لا تتعدي أرجل المارة معبرا عن إعجابه بحذائهم بينما هم لا يلاحظون عطر زهوره.
طفلة لا تتجاوز العاشرة، تجري فزعة، يبتلعها الشارع الكبير، تنبش بقدميها الأرض، تنظر خلفها كل حين، وبعد أن غابت عن الأنظار، رأيته يتبعها، ذئب جائع، في عمر جدها تقريبا، يدور حول نفسه بحثا عنها، بينما لم يجدها تعلقت أنيابه بفريسة أصغر.
أم تنتظر عودة ابنها، تجلس كل يوم في نفس المكان الذي فقدته فيه، طوال سنوات لم تمل الانتظار، حفظها المارة، وحصاة الشارع، وذرات أديمه، بينما تنتظر ضاع باقي أبناىها في شوارع أخرى.
أقف انا أراقب المهمشين، والمهملين، يتراقص الشارع على عزف أحزانهم، ويلوك حكاياتهم مع الشوارع الاخرى، يضحك عليهم، ويحزن إذا غادروا، أراقبهم وأحاول تأويل نظراتهم، والشعور بهم، ألتقط خيط الحكايا، وأتلوه على اوراقي المهجورة.
على الهامش أنا، لا أجيد الوقوف في المركز، ولا احب المنتصفات المؤرقة، صدر القصيدة مزعج، والمجاز يحتويني أكثر، أجيد لعبة الاختباء، وانتظر من يفك تلك الأحجية.
ربما كان الأمر يستحق أن أترك الهامش، لعلي أجد الطمأنينة؛ لكني أحببت اللعبة، و حجزت دوري بين المهمشين، الأن أرى زائر جديد للشارع يمسك أوراقا وقلما وينزوي في ركن قصي، وإذ بسيارة تضل طريقها وتصدمه.